حتى ضاق لا يجوز إلا أن يقطعها ثم يشرع فيها، ولو شرع ناسيا والمسألة بحالها فتذكر عند ضيقه جازت ا ه. قوله: (المستحب) أي الذي لا كراهة فيه. قهستاني. وقيل أصل الوقت، ونسبه الطحاوي إلى الشيخين، والأول إلى محمد. والظاهر أنه احترز عن وقت تغير الشمس في العصر، إذ يبعد القول بسقوط الترتيب إذا لزم تأخير ظهر الشتاء والمغرب مثلا عن أول وقتها، ثم رأيت الزيلعي خص الخلاف بالعصر، ولذا قال في البحر: وتظهر ثمرته فيما لو تذكر الظهر وعلم أنه لو صلاه يقع قبل التغير ويقع العصر أو بعضه فيه، فعلى الأول يصلي العصر ثم الظهر بعد الغروب، وعلى الثاني يصلي الظهر ثم العصر. واختار الثاني قاضيخان في شرح الجامع. وفي المبسوط أن أكثر مشايخنا على أنه قول علمائنا الثلاثة، وصحح في المحيط الأول، ورجحه في الظهيرية بما في المنتقى من أنه إذا افتتح العصر في وقتها ثم احمرت الشمس ثم تذكر الظهر مضى في العصر. قال: فهذا نص على اعتبار الوقت المستحب ا ه. قال في البحر: فحينئذ انقطع اختلاف المشايخ، لان المسألة حيث لم تذكر في ظاهر الرواية وثبتت في رواية أخرى تعين المصير إليها ا ه.
أقول في هذا الترجيح نظر، يوضحه ما في شرح الجامع الصغير لقاضيخان، حيث قال: إنما وضع المسألة في العصر لمعرفة آخر الوقت، فعندنا آخره في حكم الترتيب غروب الشمس، وفي حكم جواز تأخير العصر تغير الشمس، وعلى القول الحسن: آخر وقت العصر عند تغير الشمس، فعنده لو تمكن من أداء الصلاتين قبل التغير لزمه الترتيب وإلا فلا. وعندنا إذا تمكن من أداء الظهر قبل التغير ويقع العصر أو بعضه بعد التغير يلزمه الترتيب، ولو أمكنه أداء الصلاتين قبل الغروب لكن لا يمكن الفراغ من الظهر قبل التغير لا يلزمه الترتيب، لان ما بعد التغير ليس وقتا لأداء شئ من الصلوات إلا عصر يومه ا ه ملخصا. وبه علم أن ما في المنتقى لا خلاف فيه، لأنه لما تذكر الظهر بعد التغير لا يمكنه صلاته فيه، فلذا لم تفسد العصر وإن كان افتتحها قبل التغير ناسيا، لان العبرة لوقت التذكر ما قدمناه آنفا عن الفتح فيما لو أطال الصلاة ثم تذكر الفائتة عند ضيق الوقت، وعلم أيضا أن المسألة ليست مبنية على اختلاف المشايخ، بل على اختلاف الرواية، فاعتبار أصل الوقت هو قول أئمتنا الثلاثة كما مر عن المبسوط، وأن عليه أكثر المشايخ، وهو مقتضى إطلاق المتون، ولذا جزم به فقيه النفس الأمم قاضيخان بلفظ عندنا فاقتضى أنه المذهب ولذا نسب القول الآخر إلى الحسن، نعم صرح في شرح المنية والزيلعي بأنه رواية عن محمد، وعليه يحمل ما مر عن الطحاوي، وقد مر أنه لو تذكر الفجر عند خطبة الجمعة يصليها مع أن الصلاة حينئذ مكروهة، بل في التاترخانية أنه يصليها عندهما وإن خاف فوت الجمعة مع الامام ثم يصلي الظهر. وقال محمد: يصلي الجمعة ثم يقضي الفجر، فلم يجعلا فوت الجمعة عذرا في ترك الترتيب، ومحمد جعله عذرا فكذلك هنا ا ه. وقد ذكر في التاترخانية عبارة المحيط وليس فيها التصحيح الذي ذكره في البحر، فالذي ينبغي اعتماده ما عليه أكثر المشايخ من أن المعتبر أصل الوقت عند علمائنا الثلاثة، والله أعلم. قوله:
(حقيقة) تمييز لنسبة ضاق أي ضاق في نفس لأمر لا ظنا، ويأتي محترزه في قوله: ظن من عليه العشاء الخ. قوله: (إذ ليس من الحكمة الخ) تعليل لقوله: فلا يلزم الترتيب إذا ضاق الوقت لكنه إنما يناسب اعتبار أصل الوقت. ويمكن أن يجاب بأن معناه تفويت الوقتية عن وقتها المستحب ح.
ولا يخفى أن هذا لا يسمى تفويتا، بل هو تعليل ذكره المشايخ لما هو المذهب كما قررناه. قوله: