الميقات الأول لزومهم محافظة حرمته، فيكره لهم تركها اه. وذكر مثله القدوري في شرحه، إلا أن في قول الإمام: في غير أهل المدينة، إشارة إلى أن المدني ليس كذلك، وبه يجمع بين الروايتين عن الامام بوجوب الدم وعدمه، بحمل رواية الوجوب على المدني وعدمه على غيره اه.
قلت: لكن نقل في الفتح أن المدني إذا جاوز إلى الجحفة فأحرم عندها فلا بأس به، والأفضل أن يحرم ممن ذي الحليفة، ونقل قبله عن كافي الحاكم الذي هو جمع كلام محمد في كتب ظاهر الرواية: ومن جاوز وقته غير محرم ثم أتى وقتا آخر فأحرم منه أجزأه، ولو كان أحرم من وقته كان أحب إلي اه. فالأول صريح، والثاني ظاهر في المدني أنه لا شئ عليه.
فعلم أن قول الإمام المار في غير أهل المدينة اتفاقي لا احترازي، وأنه لا فرق في ظاهر الرواية بين المدني وغيره، وأما قول الهداية وفائدة التأقيت: أي المواقيت الخمسة المنع عن تأخير الاحرام عنها لأنه يجوز التقديم بالاجماع فاعترضه في الفتح بأنه يلزم عليه أنه لا يجوز تأخير المدني الاحرام عن ذي الحليفة والمسطور خلافه، نعم روي عن الامام أن عليه دما لكن الظاهر عنه هو الأول. قال في النهر: والجواب أن المنع من التأخير مقيد بالميقات الأخير، وتمامه فيه. قوله:
(على المذهب) مقابلة رواية وجوب الدم. قوله: (وعبارة اللباب سقط عنه الدم) مقتضاها وجوبه بالمجاوزة ثم سقوطه بالاحرام من الأخير وهو مخالف للمسطور كما علمته، والظاهر أنه مبني على الرواية الثانية. قوله: (ولو لم يمر بها الخ) كذا في الفتح. ومفاده أن وجوب الاحرام بالمحاذاة إنما يعتبر عند عدم المرور على المواقيت، أما لو مر عليها فلا يجوز له مجاوزة آخر ما يمر عليه منها وإن كان يحاذي بعده ميقاتا آخر، وبذلك أجاب صاحب البحر عما أورده عليه العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي حين اجتماعه به في مكة من أنه ينبغي على مدعاكم أن لا يلزم الشامي والمصري الاحرام من رابغ، بل من خليص لمحاذاته لآخر المواقيت، وهو قرن المنازل. وأجابه بجواب آخر وهو أن مرادهم المحاذاة القريبة، ومحاذاة المارين بقرن بعيدة لان بينهم وبينه بعض جبال، لكن نازعه في النهر بأنه لا فرق بين القريبة والبعيدة. قوله: (تحرى) أي غلب على ظنه مكان المحاذاة وأحرم منه إن لم يجد عالما به يسأله. قوله: (إذا حاذى أحدهما) في بعض النسخ إذا حاذاه أحدها. قوله:
(وأبعدها) أي عن مكة. قوله: (فإن لم يكن الخ) كذا في الفتح، لكن الأصوب قول اللباب: فإن لم يعلم المحاذاة لما قال شارحه إنه لا يتصور عدم المحاذاة اه. أي لان المواقيت تعم جهات مكة كلها فلا بد من محاذاة أحدها. قوله: (فعلى مرحلتين) أي من مكة فتح، ووجهه أن المرحلتين أوسط المسافات، وإلا فالاحتياط الزيادة. مقدسي. قوله: (وحرم الخ) فعليه العود إلى ميقات منها وإن لم يكن ميقاته ليحرم منه، وإلا فعليه دم سيأتي بيانه في الجنايات. قوله: (كلها) زاده لأجل دفع ما أورد على عبارة الهداية كما قدمناه آنفا. قوله: (أي لآفاقي) أي ومن ألحق به كالحرمي والحلي إذا خرجا إلى الميقات كما يأتي فتقييد بالآفاقي للاحتراز عما لو بقيا في مكانهما، فلا يحرم كما يأتي.
قوله: (يعني الحرم) أي الآتي تحديده قريبا لا خصوص مكة، وإنما قيد بها لان الغالب قصد