عدم جواز تعددها في مصر، وقد نص الامام السرخسي على أن الصحيح من المذهب الجواز، فلا ينبغي الافتاء بها في زماننا لأنهم تطرقوا منها إلى التكاسل عن الجمعة وظن أنها غير فرض، وأن الظهر كاف عنها، واعتقاد ذلك كفر اه. ملخصا.
قلت: وفي هذا الظهور خفاء، لان الأصل عدم تعدد الجمعة، وليس في كل البلاد فليكن اقتصارهم على بيان السنة مبنيا على ذلك، ولان المعتكف لا يلزم أن يأتي بها في مسجد الجمعة بل يأتي بها في معتكفه. وكون الصحيح جواز التعدد لا ينافي استحباب تلك الأربع خروجا من الخلاف القوي الواقع في مذهبنا ومذهب الغير، وقدمنا في باب الجمعة التصريح عن النهر وغيره بأنه لا شك في استحبابها وكون الأولى أن لا يفتى بها في زماننا لما ذكره لا يلزمه منه عدم الاتيان بها ممن لا يخشى منه ذلك كما مر هناك مبسوطا عن المقدسي وغيره فتذكره بالمراجعة، فافهم. قوله: (ولو مكث أكثر) كيوم وليلة أو أتم اعتكافه فيه. سراج. قوله: (لأنه محل له) أي مسجد الجمعة محل للاعتكاف، وفيه إشارة إل الفرق بين هذا وبين ما لو خرج لبول أو غائط ودخل منزله ومكث فيه حيث يفسد كما مر. وفي البدائع: وما روي عنه (ص) من الرخصة في عيادة المريض وصلاة الجنازة فقد قال أبو يوسف: ذلك محمول على اعتكاف التطوع، ويجوز حمل الرخصة على ما لو خرج لوجه مباح كحاجة الانسان أو الجمعة وعاد مريضا أو صلى على جنازة من غير أن يخرج لذلك قصدا وذلك جائز اه. وبه علم أنه بعد الخروج لوجه مباح إنما يضر المكث لو في غير مسجد لغير عيادة. قوله: (لمخالفة ما التزمه) أي من الاعتكاف في المسجد الأول، لأنه لما ابتدأ الاعتكاف فيه فكأنه عينه لذلك فيكره تحوله عنه مع إمكان الاتمام فيه. بدائع.
قلت: ولعله لم يتعين بناء على أنه لا يتعين الزمان والمكان في النذر كما مر، وعدم جواز الخروج منه بلا عذر لا لتعينه، بل لان الخروج مضاد لحقيقة الاعتكاف الذي هو اللبث والإقامة.
تتمة: لم يذكر جواز خروجه لجماعة، وقدمنا عن النهر والفتح ما يفيده، ويأتي في كلامه ما يفيده أيضا، وفي البحر عن البدائع: لو أحرم بحج أو عمرة أقام في اعتكافه إلى فراغه منه، فإن خاف فوت الحج يحج ثم يستقبل الاعتكاف لان الحج أهم، وإنما يستقبله لان هذا الخروج وإن وجب شرعا فإنما وجب بعقده وعقده لم يكن معلوم الوقوع فلا يصير مستثنى في الاعتكاف اه.
قوله: (فيقضيه) أي لو واجبا بالنذر أما التطوع لو قطعه قبل تمام اليوم فلا، إلا في رواية الحسن كما مر، ويقضي المنذور مع الصوم، غير أنه لو كان شهرا معينا يقضي قدر ما فسد، وإلا استقبله لأنه لزمه متتابعا، ولا فرق بين فساده بصنعه بلا عذر كالجماع مثلا إلا الردة، أو لعذر كخروجه لمرض، أو بغير صنعه أصلا كحيض وجنون وإغماء طويل. وأما حكمه إذا فات عن وقته المعين:
فإن فات بعضه قضاه لا غير ولا يجب الاستقبال، أو كله قضى الكل متتابعا، فإن قدر ولم يقض حتى مات أوصى لكل يوم بطعام مسكين، وإن قدر على البعض فكذلك إن كان صحيحا وقت النذر، وإلا فإن صح يوما فعلى الاختلاف المار في الصوم، وإلا فلا شئ عليه. بدائع ملخصا. قوله: (إلا إذا أفسده بالردة) لأنها تسقط ما وجب علي قبلها بإيجاب الله تعالى أو إيجابه والنذر من إيجابه اه ح: أي وليس سببه باقيا لأنه النذر، وقد قال في الفتح: إن نفس النذر بالقربة قربة فيبطل بالردة كسائر