قوله: (على النصف إلا بعذر) أما مع العذر فلا ينقص ثواب عن ثوابه قائما، لحديث البخاري في الجهاد إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا فتح. وحكى في النهاية الاجماع عليه. وتعقبه في البحر بحكاية النووي عن بعضهم أنه على النصف مع العذر أيضا، ثم نقل عن المجتبى أن إيماء العاجل أفضل من صلاة القائم، لأنه جهد المقل. قال: ولا يخفى ما فيه، بل الظاهر المساواة كما في النهاية ا ه.
لكن ذكر القهستاني ما في المجتبى، ثم قال: لكن في الكشف أنه قال الشيخ أبو معين النسفي: جميع عبادات أصحاب الاعذار كالمومي وغيره تقوم مقام العبادات الكاملة في حق إزالة المأثم لا في حق إحراز الفضيلة ا ه.
أقول: وهو موافق لقول البعض المار، ويؤيده حديث البخاري من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد فإن عموم من يدخل فيه العاجز، ولان الصلاة نائما لا تصح عندنا بلا عذر، وقد جعل له نصف أجر القاعد، وفي هذا المقام زيادة كلام يطلب ما علقناه على البحر. قوله: (ولا يصلي الخ) هذا اللفظ رواه ابن أبي شيبة عن عمر. وظاهر كلام محمد أنه عن النبي (ص)، ومحمد أعلم بذلك منا. فتح. قوله: (في القراءة الخ) لما كان ظاهر الحديث غير مراد إجماعا لان الظهر والعصر يصليان بعد سنتهما وجب حمله على أخص الخصوص، ففي الجامع الصغير: أراد لا يصلي بعد الظهر نافلة ركعتين منها بقراءة وركعتين بغير قراءة لتكون مثل الفرض. وقال فخر الاسلام: لو حمل على تكرار الجماعة في مسجد له أهل أو على قضاء الصلاة عند توهم الفساد لكان صحيحا نهر. وما ذكره عن فخر الاسلام نقله في البحر أيضا عن شرح الجامع الصغير لقاضيخان.
ثم قال في البحر: فالحاصل أن تكرار الصلاة إن كان مع الجماعة في المسجد على هيئته الأولى فمكروه، وإلا فإن كان في وقت يكره التنفل فيه بعد الفرض فمكروه كما بعد الصبح والعصر، وإلا فإن كان لخلل في المؤدى: فإن كان ذلك الخلل محققا إما بترك واجب أو بارتكاب مكروه فغير مكروه بل واجب، كما صرح به في الذخيرة وقال: إنه لا يتناوله النهي، وإن كان ذلك الخلل غير محقق بل نشأ من وسوسة فهو مكروه ا ه. قوله: (للنهي) علة لقوله: ولا يصلي الخ والنهي هو لفظ الحديث المذكور. قوله: (وما نقل الخ) جواب عن سؤال وارد على الوجه الثالث، فإن هذا المنقول ينافي حمل النهي عليه، إذ يبعد أن يكون ما صلاه الامام أولا مشتملا على خلل محقق من مكروه أو ترك واجب، بل الظاهر أنه أعاد ما صلاه لمجرد الاحتياط وتوهم الفساد، فينافي حمل النهي في مذهبه على الوجه الثالث.
والجواب أولا أنه لم يصح نقل ذلك عن الامام، وثانيا أنه لو صح نقول: إنه كان يصلي المغرب والوتر أربع ركعات بثلاث قعدات كما نقله في البحر عن مآل الفتاوى: أي ويكون حينئذ إعادة الصلاة لمجرد توهم الفساد غير مكروه، ويكون النهي محمولا على غير هذا الوجه، لكن لما كانت الصلاة على هذا محتملة لوقوعها نفلا والتنفل بالثلاث مكروه نقول: إنه كان يضم إلى المغرب