التساوي ممتنعة كما علمت فبقي سبعة، وتقييده ببلوغ الذهب أو الفضة نصابه مخرج لصورتين منها، وهما ما إذا لم يبلغ كل منهما نصابه مع غلبة الفضة أو التساوي وسنذكر حكمهما، فبقي خمس صور:
ثنتان في التساوي، وثلاثة في غلبة الفضة. وقوله: فإن بلغ الذهب أي بلغ نصابا وحده أو مع الفضة عند غلبة الفضة أو التساوي، فهذه أربع صور. وقوله: أو الفضة أو بلغت الفضة وحدها نصابا عند غلبتها على الذهب فهذه الخامسة. وقوله: وجبت أي زكاة البالغ النصاب، فإن بلغه الذهب وجبت زكاة الذهب في الصور الأربع المذكورة، لأنه لما بلغ النصاب وجب اعتباره لأنه أعز وأغلى وتصير الفضة تبعا له، ولو بلغت نصاب معه وإن كان البالغ هو الفضة الغالبة عليه دونه وجبت زكاة الفضة ترجيحا لها ببلوغ النصاب فيجعل كله فضة، لكن على تفصيل فيه سنذكره، وقد علم حكم ما ذكرنا في تقرير كلام الشارح في الصور الثلاث الأول والخمس الاخر من عبارة الشمني. وعبارة الزيلعي:
أما عبارة الشمني فهي قوله: ولو سبك الذهب مع الفضة، فإن بلغ الذهب نصابا زكي الجميع زكاة الذهب سواء كان غالبا أو مغلوبا لأنه أعز، وإن لم يبلغ الذهب نصابه، فإن بلغت الفضة نصابها زكي الجميع زكاة الفضة اه. وأما عبارة الزيلعي فهي قوله: وللذهب المخلوط بالفضة إن بلغ الذهب نصاب الذهب وجبت فيه زكاة الذهب، وإن بلغت الفضة نصاب الفضة وجبت فيه زكاة الفضة، وهذا إذا كانت الفضة غالبة، وأما إذا كانت مغلوبة فهو كله ذهب لأنه أعز وأغلى قيمة اه. وكل من هاتين العبارتين مؤداهما واحد، وما قررناه في كلام الشارح من أحكام الصور السبع يؤخذ منهما، فقول الشمني: سواء كان غالبا أو مغلوبا يشمل ما إذا بلغت الفضة نصابها أو لا بدليل قوله بعده: وإن لم يبلغ الذهب نصابه، فإن بلغت الفضة الخ، فإنه لم يعتبر زكاة الجميع زكاة الفضة إلا إذا لم يبلغ الذهب نصابه، فأفاد أن قوله قبله: فإن بلغ الذهب نصابه الخ، أنه يجعل الكل ذهبا إذا بلغ الذهب نصابه سواء بلغته أيضا أو لا، وكذا قول الزيلعي: وإن بلغت الفضة الخ: أي ولم يبلغ الذهب نصابه بدليل المقابلة، فإنه اعتبر أولا الكل ذهبا حيث بلغ الذهب نصابه، وأطلقه فشمل ما إذا بلغت الفضة أيضا نصابا أولا، فعلم أنه لا يعتبر الكل فضة إلا إذا لم يبلغ الذهب نصابه، فإن بلغ كان الكل ذهبا فيزكى زكاة الذهب لأنه أعز وأغلى قيمة، وكذا لو غلب الذهب وبلغ بضم الفضة إليه نصابا كما علم من قوله: وأما إذا كانت مغلوبة فهو كله ذهب الخ، وهذا ما عبر عنه الشارح بقوله:
فإن غلب الذهب فذهب ودخل في قول الشمني: سواء كان غالبا أو مغلوبا حكم المساواة بالأولى، وهو مفهوم أيضا من إطلاق الزيلعي قوله: إن بلغ الذهب نصاب الذهب الخ، فقد ظهر أنه لا تخالف بين العبارتين ولا بينهما وبين عبارة الشارح، لكن قول الزيلعي: وهذا إذا كانت الفضة غالبة لا حاجة إليه، لان الفضة إذا بلغت وحدها نصابا لا بد أن تكون غالبة على الذهب الذي لم يبلغ نصابا، ولذا لم يذكره الشمني، وكأن الزيلعي ذكره ليبني عليه قوله: وأما إذا كانت مغلوبة، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل، والله أعلم، فافهم.
تنبيه: قال في التاترخانية: وإذا كانت الفضة غالبة والذهب مغلوبا مثل أن يكون الثلثان فضة أو أكثر لا يجعل كله فضة، لان الذهب أكثر قيمة فلا يجوز جعله تبعا لما هو دونه، بخلاف ما إذا كان الذهب غالبا اه. ومفاده أن ما مر من أنه إذا بلغت الفضة نصابا ولم يبلغ الذهب نصابه تجب زكاة الفضة مقيد بما إذا لم يكن الذهب الذي خالطها أكثر قيمة منها، وإلا كان الكل ذهبا، وهذا التفصيل