دليلا على الحل إذا كان عاما من عهد الصحابة والمجتهدين كما صرحوا به، وقياس خطبة الجمعة على خطبة منى قياس مع الفارق، فإن الناس في يوم الجمعة قاعدون في المسجد ينتظرون خروج الخطيب متهيئون لسماعه، بخلاف خطبة منى، فليتأمل. والظاهر أن مثل ذلك يقال أيضا في تلقين المرقي الاذان للمؤذن، والظاهر أن الكراهة على المؤذن دون المرقي لان سنة الاذان الذي بين يدي الخطيب تحصل بأذان المرقي فيكون المؤذن مجيبا لاذان المرقي، وإجابة الاذان حينئذ مكروهة، إلا أن يقال: إن أذان الأول إذا لم يكن جهرا يسمعه القوم يكون مخالف للسنة فيكون المعتبر هو الثاني، فتأمل. قوله: (من الترضي) أي عن الصحاب عند ذكر أسمائهم. وقوله: ونحوه من الدعاء للسلطان عند ذكره كل ذلك بأصوات مرتفعة كما هو معتاد في بعض البلاد كبلاد الروم، ومنه ما هو معتاد عندنا أيضا من الصلاة على النبي (ص) عند صعود الخطيب مع تمطيط الحروف والتنغم. قوله:
(اتفاقا) هذا أظهر مما في البحر حيث قصر الكراهة على قول الإمام ط. قوله: (وتمامه في البحر) لم يذكر في البحر بعده إلا ما أفاده بقوله: والعجب ط. قوله: (إلا أن يحمل على قولهما) لأنه يقول ذلك قبل الخطبة، وهما يحملان قوله (ص): والامام يخطب على الشروع فيها حقيقة، فحينئذ لا يكون المرقي مخالفا لحديثه بقوله بعده: انصتوا، أما على قول الإمام من حمل قوله: يخطب على الخروج للخطبة بقرينة ما روي: إذا خرج الامام فلا صلاة ولا كلام فيكون مخالفا لحديثه الذي يرويه ويكره، فافهم. قوله: (ووجب سعي) لم يقل افترض مع أنه فرض للاختلاف في وقته هل هو الاذان الأول أو الثاني أو العبرة لدخول الوقت؟ بحر.
وحاصله أن السعي نفسه فرض والواجب كونه في وقت الاذان الأول، وبه اندفع ما في النهر من أن الاختلاف في وقته لا يمنع القول بفرضيته كصلاة العصر فرض إجماعا مع الاختلاف في وقتها. قوله: (وترك البيع) أراد به كل عمل ينافي السعي وخصه اتباعا للآية. نهر. قوله: (ولو مع السعي) صرح في السراج بعدم الكراهة إذا لم يشغله. بحر، وينبغي التعويل على الأول. نهر.
قلت: وسيذكر الشارح في آخر البيع الفاسد أنه لا بأس به لتعليل النهي بالاخلال بالسعي، فإذا انتفى انتفى. قوله: (وفي المسجد) أو على بابه. بحر. قوله: (وفي الأصح) قال في شرح المنية:
واختلفوا فالمراد بالاذان الأول: فقيل الأول باعتبار المشروعية وهي الذي بين يدي المنبر لأنه الذي أولا في زمنه عليه الصلاة والسلام وزمن أبي بكر وعمر حتى أحدث عثمان الاذان الثاني على الزوراء حيث كثر الناس. والأصح أنه الأول باعتبار الوقت، وهو الذي يكون على المنارة بعد الزوال اه. والزوراء بالمد: اسم موضع في المدينة. قوله: (صحة إطلاق الحرمة) قلت: سيذكر المصنف في أول كتاب الحظر والإباحة كل مكروه حرام عند محمد، وعندهما إلى الحرام أقرب اه.
نعم قول محمد رواية عنهما كما سنذكره هناك إن شاء الله تعالى، وأشار إلى الاعتذار عن صاحب الهداية حيث أطلق الحرمة على البيع وقت الاذان مع أنه مكروه تحريما، وبه اندفع ما في غاية البيان