عن القبول في الجملة وأما المحدود في الزنا والسرقة والشرب فتقبل شهادته بالاجماع إذا تاب لأنه صار عدلا والقياس أن تقبل شهادة المحدود في القذف إذا تاب لولا النص الخاص بعدم القبول على التأييد ومنها أن لا يجر الشاهد إلى نفسه مغنما ولا يدفع عن نفسه مغرما بشهادته لقوله عليه الصلاة والسلام لا شهادة لجار المغنم ولا لدافع المغرم ولان شهادته إذا تضمنت معنى النفع والدفع فقد صار متهما ولا شهادة للمتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه إذا جر النفع إلى نفسه بشهادته لم تقع شهادته لله تعالى عز وجل بل لنفسه فلا تقبل وعلى هذا تخرج شهادة الوالد وان علا لولده وان سفل وعكسه أنها غير مقبولة لان الوالدين والمولودين ينتفع البعض بمال البعض عادة فيتحقق معني جر النفع والتهمة والشهادة لنفسه فلا تقبل وذكر الخصاف رحمه الله في أدب القاضي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا تقبل شهادة الوالد لولده ولا الولد لوالده ولا السيد لعبده ولا العبد لسيده ولا الزوجة لزوجها ولا الزوج لزوجته وأما سائر القرابات كالأخ والعم والخال ونحوهم فتقبل شهادة بعضهم لبعض لان هؤلاء ليس لبعضهم تسلط في مال البعض عرفا وعادة فالتحقوا بالأجانب وكذا تقبل شهادة الوالد من الرضاع لولده من الرضاع وشهادة الولد من الرضاع لوالده من الرضاع لان العادة ما جرت بانتفاع هؤلاء بعضهم بمال البعض فكانوا كالأجانب ولا تقبل شهادة المولى لعبده ولا شهادة العبد لمولاه لما قلنا وأما شهادة أحد الزوجين لصاحبه فلا تقبل عندنا وعند الشافعي رحمه الله تقبل واحتج بعمومات الشهادة من غير تخصيص نحو قوله تعالى جل وعلا واستشهدوا شهيد ين من رجالكم وقوله عز شأنه وأشهدوا ذوي عدل منكم وقوله عظمت كبرياؤه ممن ترضون من الشهداء من غير فصل بين عدل وعدل ومرضى ومرضى (ولنا) ما روينا من النصوص من قوله عليه الصلاة والسلام لا شهادة لجار المغنم ولا شهادة للمتهم وأحد الزوجين بشهادته للزوج الآخر يجر المغنم إلى نفسه لأنه ينتفع بمال صاحبه عادة فكان شاهدا لنفسه لما روينا من حديث الخصاف رحمه الله وأما العمومات فنقول بموجبها لكن لم قلتم أن أحد الزوجين في الشهادة لصاحبه عدل ومرضى بل هو مائل ومتهم لما قلنا لا يكون شاهدا فلا تتناوله العمومات وكذا لا تقبل شهادة الأجير له في الحادثة التي استأجره فيها لما فيه من تهمة جر النفع إلى نفسه ولا تقبل شهادة أحد الشريكين لصاحبه في مال الشركة ولو شهد رجلان لرجلين على الميت بدين ألف درهم ثم شهد المشهود لهما للشاهدين على الميت بدين ألف درهم فشهادة الفريقين باطلة عند أبي حنيفة عليه الرحمة وأبى يوسف رحمه الله وعند محمد رحمه الله جائزة وعلى هذا الخلاف لو شهدا أن الميت أوصى لهما بالثلث وشهد المشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بالثلث ولو شهدا أن الميت غصبهما دارا أو عبدا وشهد المشهود لهما للشاهدين بدين ألف درهم فشهادة الفريقين جائزة بالاجماع لمحمد رحمه الله ان كل فريق يشهد لغيره لا لنفسه فلا يكون متهما في شهادته ولهما أن ما يأخذه كل فريق فالفريق الآخر يشاركه فيه فكان كل فريق شاهدا لنفسه بخلاف ما إذا اختلف جنس المشهود به لان ثمة معنى الشركة لا يتحقق ومنها أن لا يكون خصما لقوله عليه الصلاة والسلام لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولأنه إذا كان خصما فشهادته تقع لنفسه فلا تقبل وعلى هذا تخرج شهادة الوصي للميت واليتيم الذي في حجره لأنه خصم فيه وكذا شهادة الوكيل لموكله لما قلنا ومنها أن يكون عالما بالمشهود به وقت الأداء ذاكرا له عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما ليس بشرط حتى أنه له رأى اسمه وخطه وخاتمه في الكتاب لكنه لا يذكر الشهادة لا يحل له أن يشهد ولو شهد وعلم القاضي به لا تقبل شهادته عنده وعندهما له أن يشهد ولو شهد تقبل شهادته (وجه) قولهما إنما لما رأى اسمه وخطه وخاتمه على الصك دل أنه تحمل الشهادة وهي معلومة في الصك فيحل له أداؤها وإذا أداها تقبل ولان النسيان أمر جبل عليه الانسان خصوصا عن طول المدة بالشئ لان طول المدة ينسى فلو شرط تذكر الحادثة لأداء الشهادة لا نسد باب الشهادة فيؤدى إلى تضييع الحقوق وهذا لا يجوز ولأبي حنيفة رحمه الله قوله تعالى جل شأنه ولا تقف ما ليس لك به علم وقوله عليه الصلاة والسلام لشاهد إذا علمت مثل الشمس فاشهد والا
(٢٧٢)