إلى البائع وقضى عليه بالثمن وقيمة البناء مبنيا له ان يأخذ أيهما شاء بالثمن ويأخذ البائع بقيمة البناء في ظاهر الرواية وذكر الطحاوي أنه يأخذ أيهما شاء بهما جميعا ان شاء أخذ هما من البائع وان شاء أخذ هما من الكفيل بالدرك ثم يرجع الكفيل على البائع إن كانت الكفالة بأمره جعل الطحاوي قيمة البناء بمنزلة الثمن وهو غير سديد لان المفهوم من الدرك ضمان المشترى في متعارف الناس فلا تكون قيمة البناء داخلة تحت الكفالة بالدرك وكذلك لو كان المبيع جارية فاستولدها المشترى ثم استحقها رجل وأخذ منه قيمة الجارية وقيمة الولد والعقر فان المشترى يأخذ الثمن من أيهما شاء ولا يؤاخذ الكفيل بقيمة الولد وللمشتري أن يأخذ قيمة الولد من البائع خاصة لأنه لم يدخل تحت الكفالة بالدرك والله عز وجل أعلم ولو كفل بماله على فلا فقامت البينة عليه بألف ضمنها الكفيل لأنه تبين انه كفل بمضمون على الأصيل وان لم تقم البينة فالقول قول الكفيل مع يمينه في مقدار ما يقربه أما القول قوله في المقر به لأنه مال لزم بالتزامه فيصدق في القدر الملتزم كما إذا أقر على نفسه بمال مجهول وأما اليمين فلانه منكر الزيادة والقول قول المنكر مع يمينه في الشرع ولو أقر المكفول عنه بأكثر مما أقربه لم يصدقه على كفيله لان اقرار الانسان حجة في حق نفسه لا في حق غيره لأنه مقر في حق نفسه مدع في حق غيره ولا يظهر صدق المدعى الا بحجة (فصل) واما بيان حكم الكفالة فنقول وبالله التوفيق للكفالة حكمان أحدهما ثبوت ولاية مطالبة الكفيل بما على الأصيل عند عامة مشايخنا ويطرد هذا الحكم في سائر أنواع الكفالات لان الكل في احتمال هذا الحكم على السواء وإنما يختلف محل الحكم من العين والدين والفعل فيطالب الكفيل بالدين بدين واجب على الأصيل لا عليه فالدين على واحد والمطالب به اثنان غير أن الكفيل إن كان واحدا يطالب بكل الدين وإن كان به كفيلان والدين ألف يطالب كل واحد منهما بخمسمائة إذا لم يكفل كل واحد منهما عن صاحبه لأنهما استويا في الكفالة والمكفول به يحتمل الانقسام فينقسم عليهما في حق المطالبة كما في الشراء ويطالب الكفيل بالنفس باحضار المكفول بنفسه ان لم يكن غائبا وإن كان غائبا يؤخذ الكفيل إلى مدة يمكنه احضاره فيها فإن لم يحضر في المدة ولم يظهر عجزه للقاضي حبسه إلى أن يظهر عجزه له فإذا علم القاضي ذلك بشهادة الشهود أو غيرها أطلقه وأنظره إلى حال القدرة على احضاره لأنه بمنزلة المفلس لكن لا يحول بين الطالب والكفيل بل يلازمه من الطالب ولا يحول الطالب أيضا بينه وبين أشغاله ولا يمنعه من الكسب وغيره ويطالب الكفيل بالعين بتسليم عينها إن كانت قائمة ومثلها أو قيمتها إن كانت هالكة ويطالب الكفيل بتسليم العين وبالفعل بهما وقال بعض مشايخنا ان حكم الكفالة بالدين وجوب أصل الدين على الكفيل والمطالبة مرتب عليه فيطالب الكفيل بدين واجب عليه لا على الأصيل كما يطالب الأصيل بدين عليه لا على الكفيل فيتعدد الدين حسب تعدد المطالبة وبه أخذ شيخه الإمام الشافعي رحمه الله وزعم أن هذا يمنع من صحة الكفالة بالأعيان المضمونة والنفس والفعل لان هذا الحكم لا يتحقق في الكفالة بغير الدين وهذا غير سديد لان الكفالات أنواع لكل نوع حكم على حدة فانعدام حكم نوع منها لا يدل على انعدام حكم نوع آخر فأما براءة الأصيل فليس حكم الكفالة عند عامة العلماء والطالب بالخيار ان شاء طالب الأصيل وان شاء طالب الكفيل الا إذا كانت الكفالة بشرط براءة الأصيل لأنها حوالة معنى أو كانت مقيدة بما عليه من الدين لأنها في معنى الحوالة أيضا وقال ابن أبي ليلى ان الكفالة توجب براءة الأصيل والصحيح قول العامة لان الكفالة تنبئ عن الضم وهو ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة بما على الأصيل أو في حق أصل الدين والبراءة تنافى الضم ولان الكفالة لو كانت مبرئة لكانت حوالة وهما متغايران لان تغاير الأسامي دليل تغاير المعاني في الأصل وأيهما اختار مطالبته لا يبرأ الاخر بل يملك مطالبته فرق بين هذا وبين غاصب الغاصب ان للمالك أن يضمن أيهما شاء فإذا اختار تضمين أحدهما لا يملك اختيار تضمين الآخر (ووجه) الفرق ان المضمونات تملك عند اختيار الضمان فإذا اختار تضمين أحدهما فقد هلك المضمون فلا يملك الرجوع عنه وهذا المعنى هنا معدوم لان اختيار الطالب مطالبة أحدهما بالمضمون
(١٠)