قول أب يوسف ان الوكالة عقد حكم ببطلانه بلحاقه بدار الحرب فلا يحتمل العود كالنكاح (وأما) الموكل إذا ارتد ولحق بدار الحرب ثم عاد مسلما لا تعدو الوكالة في ظاهر الرواية وروى عن محمد أنها تعود ووجهه أن بطلان الوكالة لبطلان ملك الموكل فإذا عاد مسلما عاد ملكه الأول فيعود بحقوقه (وجه) ظاهر الرواية ان لحوقه بدار الحرب بمنزلة الموت ولو مات لا يحتمل العود فكذا إذا لحق دار الحرب (ومنها) أن يتصرف الموكل بنفسه فيما وكل به قبل تصرف الوكيل نحو ما إذا وكله ببيع عبده فباعه الموكل أو أعتقه أو دبره أو كاتبه أو وهبه وكذا إذا استحق أو كان حر الأصل لان الوكيل عجز عن التصرف لزوال ملك الموكل فينتهي حكم الوكالة كما إذا هلك العبد ولو باعه الموكل بنفسه ثم رد عليه بعيب بقضاء هل تعود الوكالة كما إذا هلك العبد قال أبو يوسف لا تعود وقال محمد تعود لان العائد بالفسخ عين الملك الأول فيعود بحقوقه (وجه) قول أبى يوسف ان تصرف الموكل نفسه يتضمن عزل الوكيل لأنه أعجزه عن التصرف فيما وكله به والوكيل بعدما انعزل لا يعود وكيلا الا بتجديد التوكيل ولو وكله أن يهب عبده فوهبه الموكل بنفسه ثم رجع في هبته لا تعود الوكالة حتى لا يملك الوكيل أن يهبه فمحمد يحتاج إلى الفرق بين البيع وبين الهبة (ووجه) الفرق له لم يتضح وكذلك لو وكله بشراء شئ ثم اشتراه بنفسه وكذا إذا وكله بتزويج امرأة فتزوجها لأنه عجز عن تزويجها منه فبطلت الوكالة وكذا إذا وكله بعتق عبده أو بالتدبير أو بالكتابة أو الهبة ففعل بنفسه لما قلنا وكذا إذا وكله بخلع امرأته ثم خلعها لان المختلعة لا تحتمل الخلع وكذا إذا وكله بطلاق امرأته فطلقها بنفسه ثلاثا أو واحدة وانقضت عدتها لأنها لا تحتمل الطلاق بعد الثلاث وانقضاء العدة حتى لو طلقها الزوج واحدة والعدة باقيه فالوكالة قائمة لأنها تحتمل الطلاق في العدة ولو وكله بالكتابة فكاتبه ثم عجز لم يكن له أن يكاتبه مرة ثانية وكذا لو وكله أن يزوجه امرأة فزوجه وابانها لم يكن للوكيل ان يزوجه مرة أخرى لان الامر بالفعل لا يقتضى التكرار فإذا فعل مرة حصل الامتثال فانتهى حكم الآمر كما في الأوامر الشرعية بخلاف ما لو وكله ببيع عبده فباعه الوكيل ثم رد عليه بقضاء قاض ان له ان يبيعه ثانيا لان الرد بقضاء القاضي يوجب ارتفاع العقد من الأصل ويجعله كان لم يكن فلم يكن هذا تكررا حتى لو رده عليه بغير قضاء قاض لم يجزله أن يبيعه لان هذا بيع جديد وقد انتهت الوكالة بالأول فلا يملك الثاني الا بتجديد التوكيل (ومنها) هلاك العبد الذي وكل بيعه أو باعتاقه أو بهبته أو بتدبيره أو بكتابته أو نحو ذلك لان التصرف في المحل لا يتصور بعد هلاكه والوكالة بالتصرف فيما لا يحتمل التصرف محال فبطل ثم هذه الأشياء التي ذكرنا له أن يخرج بها الوكيل من الوكالة سوى العزل والنهى لا يفترق الحال فيها بين ما إذا علم الوكيل أو لم يعلم في حق الخروج عن الوكالة لكن تقع المفارقة فيما بين البعض والبعض من وجه آخر وهو ان الموكل إذا باع العبد الموكل ببيعه بنفسه ولم يعلم به الوكيل فباعه الوكيل وقبض الثمن فهلك الثمن في يده ومات العبد قبل التسليم إلى المشترى ورجع المشترى على الوكيل بالثمن رجع الوكيل على الموكل وكذا لو دبره أو أعتقه أو استحق أو كان حر الأصل وفيما إذا مات الموكل أو جن أو هلك العبد الذي وكل ببيعه ونحوه لا يرجع الوكيل والفرق أن الوكيل هناك وان صار معزولا بتصرف الموكل لكنه صار مغرورا من جهته بترك اعلامه إياه فصار كفيلا له بما يلحقه من الضمان فيرجع عليه بضمان الكفالة إذ ضمان الغرور في الحقيقة ضمان الكفالة ومعنى الغرور لا يتقدر في الموت وهلاك العبد والجنون أخواتها فهو الفرق ولو وكله بقبض دين له على رجل ثم إن الموكل وهب المال للذي عليه الدين والوكيل لا يعلم بذلك فقبض الوكيل المال فهلك في يده كان لدافع الدين أن يأخذ به الموكل ولا ضمان على الوكيل لان يد الوكيل يد نيابة عن الموكل لأنه قبضه بأمره وقبض النائب كقبض المنوب عنه فكأنه قبضه بنفسه بعد ما وهبه منه ولو كان كذلك لرجع عليه فكذا هذا والله عز وجل أعلم * (كتاب الصلح) * الكلام في كتاب الصلح يقع في مواضع في بيان أنواع الصلح وفي بيان شرعية كل نوع وفي بيان ركن الصلح وفى
(٣٩)