أسنان الدية وضمنها فهو جائز ولا خيار للطالب لان الصلح على مائة على أسنان الدية استيفاء عين الحق وإن كان القاضي عين الواجب فقضى عليه بالدراهم فصالح المتوسط على الفي دينار جاز ولا بد من القبض في المجلس كما لو فعله القاتل بنفسه لأنه صرف فيراعى له شرائطه والله تعالى أعلم (فصل) (وأما) بيان حكم الصلح فنقول وبالله التوفيق ان للصلح أحكاما بعضها أصلى لا ينفصل عنه جنس الصلح المشروع وبعضها دخيل يدخل في بعض أنواع الصلح دون البعض أما الأصل فهو انقطاع الخصومة والمنازعة بين المتداعيين شرعا حتى لا تسمع دعواهما بعد ذلك وهذا حكم لازم جنس الصلح فأما الدخيل فأنواع منها حق الشفعة للشفيع وجملته ان المدعى لو كان دارا وبدل الصلح سوى الدار من الدراهم والدنانير وغير هما فإن كان الصلح عن اقرار المدعى عليه يثبت للشفيع فيها حق الشفعة لأنه في معنى البيع من الجانبين فيجب حق الشفعة وإن كان الصلح عن إنكار لا يثبت لأنه ليس في معنى البيع من جانب المدعى عليه بل هو بذل المال لدفع الخصومة واليمين لكن للشفيع أن يقوم مقام المدعى فيدلى بحجته على المدعى عليه فإن كانت للمدعى بينة أقامها الشفيع عليه وأخذ الدار بالشفعة لان بإقامة البينة تبين له أن الصلح كان في معنى البيع وكذلك ان لم تكن له بينة فحلف المدعى عليه فنكل وإن كان بدل الصلح دارا والصلح عن اقرار المدعى عليه يثبت للشفيع حق الشفعة في الدارين جميعا لما مر ان الصلح هنا في معنى البيع من الجانبين فصار كأنهما تبايعا دارا بدار فيأخذ شفيع كل دار الدار المشفوعة بقيمة الدار الأخرى وان تصالحا على أن يأخذ المدعى الدار المدعاة ويعطى المدعى عليه دارا أخرى فإن كان الصلح عن إنكار وجبت فيهما الشفعة بقيمة كل واحدة منهما لان هذا الصلح في معنى البيع من الجانبين وإن كان الصلح عن اقرار لا يصح لان الدارين جميعا ملك المدعى لاستحالة أن يكون ملكه بدلا عن ملكه وإذا لم يصح الصلح لا تجب الشفعة ولو صالح عن الدار على منافع لا تثبت الشفعة وإن كان الصلح عن اقرار لان المنفعة ليست بعين مال فلا يجوز أخذ الشفعة بها وإن كان الصلح عن إنكار يثبت للشفيع حق الشفعة في الدار التي هي بدل الصلح ولا يثبت في الدار المدعاة لان الاخذ بالشفعة يستدعى كون المأخوذ مبيعا في حق من يأخذ منه لان الصلح عن إنكار في جانب المدعى معاوضة فكان بدل الصلح بمعنى البيع في حقه إذا كان عينا فكان للشفيع حق الاخذ منه بالشفعة وفي جانب المدعى عليه ليس بمعاوضة بل هو اسقاط الخصومة ودفع اليمين عن نفسه فلم يكن للدار المدعاة حكم المبيع في حقه فلم يكن للشفيع أن يأخذها بالشفعة الا أن يدلى بحجة المدعى فيقيم البينة أو يحلف المدعى عليه فينكل على ما ذكرنا ومنها حق الرد بالعيب وانه يثبت من الجانبين جميعا إن كان الصلح عن اقرار لأنه بمنزلة البيع وإن كان عن إنكار يثبت في جانب المدعى ولا يثبت في جانب المدعى عليه لان هذا بمنزلة البيع في حقه لا في حق المدعى عليه والعيب على المدعى عليه في دعواه فان أقام البينة أخذ حصة العيب وان لم يثبت للمدعى عليه حق الرد بالعيب لم يرجع في شئ وكذا لو استحق عليه الدار وقد بني فيها بناء فنقض لا يرجع على المدعي بقيمة البناء وكذا لو كان المدعى جارية فاستولدها لم يكن مغرورا ولا يرجع بقيمة الولد لأن ما أخذه المدعى ليس بدل المدعى في حقه الا أنه إذا استحقت الدار المدعاة يرجع على المدعى بما أدى إليه لان المؤدى بدل الخصومة في حقه وقد تبين أنه لا خصومة له فيه فكان له حق الرجوع بالمؤدى ولو وجد ببدل الصلح عيبا فلم يقدر على رده للهلاك أو للزيادة أو للنقصان في يد المدعى فإن كان الصلح عن اقرار يرجع على المدعي عليه بحصة العيب في المدعى وإن كان عن إنكار يرجع بحصة العيب على المدعى عليه في دعواه فان أقام البينة أخذ صحة العيب وكذا إذا حلفه فنكل وان حلف فلا شئ عليه ومنها الرد بخيار الرؤية في نوع الصلح وفرق الطحاوي بينهما والحق الرد في الصلح عن إنكار ببدل الصلح عن القصاص وبالمهر وبدل الخلع والرد بخيار الرؤية غير ثابت في تلك العقود فكذا ههنا وفي كتاب الصلح أثبت حق الرد في النوعين جميعا من غير فصل هو الصحيح لان الخيار ثبت للمدعى فيستدعى كونه معاوضة عن حقه وقد وجد وكذلك الأحكام تشهد بصحة هذا
(٥٣)