يصف أحدهما العلامة يحكم بكونه ابنا لهما ليس أحدهما بأولى من الآخر فان أقام أحدهما البينة فهو أولى به وان أقاما جميعا البينة يحكم بكونه ابنا لهما لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر وقد روى عن سيد نا عمر رضي الله عنه في مثل هذا أنه قال إنه ابنهما يرثهما ويرثانه وهو للثاني منهما فان ادعاه أكثر من رجلين فأقام البينة روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه انه تسمع من خمسة وقال أبو يوسف من اثنين ولا تسمع من أكثر من ذلك وقال محمد تسمع من ثلاثة ولا تسمع من أكثر من ذلك هذا إذا كان المدعى رجلا فإن كانت امرأة فادعته انه ابنها فان صدقها زوجها أو شهدت لها القابلة أو قامت البينة صحت دعوتها وإلا فلا لان فيه حمل نسب الغير على الغير وانه لا يجوز لما نذكره في كتاب الاقرار ولو ادعاه امرأتان وأقامت إحداهما البينة فهي أولى به وان أقامتا جميعا فهو ابنهما عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف لا يكون لواحدة منهما وعن محمد روايتان في رواية أبى حفص يجعل ابنهما وفي رواية أبى سليمان لا يجعل ابن واحدة منهما والله سبحانه وتعالى أعلم * (كتاب اللقطة) * الكلام في اللقطة في مواضع في بيان أنواعها وفي بيان أحوالها وفي بيان ما يصنع بها أما الأول فنوعان من غير الحيوان وهو المال الساقط لا يعرف مالكه ونوع من الحيوان وهو الضالة من الإبل والبقر والغنم من البهائم الا انه يسمى لقطة من اللقط وهو الاخذ والرفع لأنه يلقط عادة أي يؤخذ ويرفع على ما ذكرنا في كتاب اللقيط (فصل) وأما بيان أحوالها منها في الأصل حالان حال ما قبل الاخذ وحال ما بعده أما قبل الاخذ فلها أحوال مختلفة قد يكون مندوب الاخذ وقد يكون مباح الاخذ وقد يكون حرام الاخذ أما حالة الندب فهو أن يخاف عليها الضيعة لو تركها فاخذها لصاحبها أفصل من تركها لأنه إذا خاف عليها الضيعة كان أخذ ها لصاحبها احياء لمال المسلم معنى فكان مستحبا والله تعالى أعلم وأما حالة الإباحة فهو ان لا يخاف عليها الضيعة فيأخذها لصاحبها وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله إذا خاف عليها يجب أخذها وان لم يخف يستحب أخذها وزعم أن الترك عند خوف الضيعة يكون تضييعا لها والتضييع حرام فكان الاخذ واجبا وهذا غير سديد لان الترك لا يكون تضييعا بل هو امتناع من حفظ غير ملزم والامتناع من حفظ غير ملزم لا يكون تضييعا كالامتناع عن قبول الوديعة وأما حالة الحرمة فهو ان يأخذها لنفسه لا لصاحبها لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يأوي الضالة الا ضال والمراد أن يضمها إلى نفسه لأجل نفسه لا لأجل صاحبها بالرد عليه لان الضم إلى نفسه لأجل صاحبها ليس بحرام ولأنه أخذ مال الغير بغير اذنه لنفسه فيكون بمعنى الغصب وكذا لقطة البهيمة من الإبل والبقر والغنم عندنا وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز التقاطها أصلا واحتج بما روى أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل فقال مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وترعى الشجر دعها حتى يلقاها ربها نهى عن التعرض لها وأمر بترك الاخذ فدل على حرمة الاخذ (ولنا) ما روى أن رجلا وجد بعيرا بالحرة فعرفه ثم ذكره لسيدنا عمر رضى الله تعالى عنه فأمره أن يعرفه فقال الرجل لسيدنا عمر قد شغلني عن ضيعتي فقال سيدنا عمر أرسله حيث وجدته ولان الاخذ حال خوف الضيعة احياء لمال المسلم فيكون مستحبا وحال عدم الخوف ضرب احراز فيكون مباحا على ما ذكرنا وأما الحديث فلا حجة له فيه لان المراد منه أن يكون صاحبه قريبا منه ألا ترى أنه قال عليه الصلاة والسلام حتى يلقاها ربها وإنما يقال ذلك إذا كان قريبا أو كان رجاء اللقاء ثابتا ونحن به نقول ولا كلام فيه والدليل عليه انه لما سأله عن ضالة الغنم قال خذها فإنها لك أو لأخيك أو للذئب دعاه إلى الاخذ ونبه على المعنى وهو خوف الضيعة وانه موجود في الإبل والنص الوارد فيها أولى أن يكون واردا في الإبل وسائر البهائم دلالة الا أنه عليه الصلاة والسلام فصل بينهما في الجواب من حيث الصورة لهجوم الذئب على الغنم إذا لم يلقها ربها عادة بعيدا كان أو قريبا وكذلك الإبل لأنها تذهب عن نفسها عادة هذا الذي
(٢٠٠)