جاحدا بدعوى الدفع فيضمن بالجحود وكذلك لو اختلفا في الربح ثم رجع فقال لم أدفعه إليك ولكنه هلك فإنه يضمن ما ادعى دفعه إلى رب المال لما بينا ولو اختلفا في الربح فقال رب المال شرطت لك الثلث وقال المضارب شرطت إلى النصف ثم هلك المال في يد المضارب قال محمد يضمن المضارب السدس من الربح يؤديه إلى رب المال من ماله خاصة ولا ضمان عليه فيما سوى ذلك لا ناقد بينا أن القول في شرط الربح قول رب المال وإذا كان كذلك فنصيب المضارب الثلث وقد ادعى النصف ومن ادعى أمانة في يده ضمنها لذلك يضمن سدس الربح والله عز وجل الموفق (فصل) وأما بيان يبطل به عقد المضاربة فعقد المضاربة يبطل بالفسخ وبالنهي عن التصرف لكن عند وجود شرط الفسخ والنهى وهو علم صاحبه بالفسخ والنهى وأن يكون رأس المال عينا وقت الفسخ والنهى فإن كان متاعا لم يصح وله أن يبيعه بالدراهم والدنانير حتى ينض كما ذكرنا فيما تقدم وإن كان عينا صح لكن له صرف الدراهم إلى الدنانير والدنانير إلى الدراهم بالبيع لما ذكرنا أن ذلك لا يعد بيعا لتجانسهما في معنى الثمنية وتبطل بموت أحدهما لان المضاربة تشتمل على الوكالة والوكالة تبطل بموت الموكل والوكيل وسواء علم المضارب بموت رب المال أولم يعلم لأنه عزل حكمي فلا يقف على العلم كما في الوكالة الا أن رأس المال إذا صار متاعا فللوكيل أن يبيع حتى يصير ناضالما بينا وتبطل بجنون أحدهما إذا كان مطبقا لأنه يبطل أهلية الامر للآمر وأهلية التصرف للمأمور وكل ما تبطل به الوكالة تبطل به المضاربة وقد تقدم في كتاب الوكالة تفصيله ولو ارتد رب المال فباع المضارب واشترى بالمال بعد الردة فذلك كله موقوف في قول أبي حنيفة عليه الرحمة ان رجع إلى الاسلام بعد ذلك نفذ كله والتحقت ردته بالعدم في جميع أحكام المضاربة وصار كأنه لم يرتد أصلا وكذلك ان لحق بدار الحرب ثم عاد مسلما قبل أن يحكم بلحاقه بدار الحرب على الرواية التي يشترط حكم الحاكم بلحاقه للحكم بموته وصيرورة أمواله ميراثا لورثته فان مات أو قتل على الردة أو لحق بدار الحرب وقضى القاضي بلحاقه بطلت المضاربة من يوم ارتد على أصل أبي حنيفة عليه الرحمة أن ملك المرتد موقوف ان مات أو قتل أو لحق فحكم باللحوق يزول ملكه من وقت الردة إلى ورثته ويصير كأنه مات في ذلك الوقت فيبطل تصرف المضارب بأمره لبطلان أهلية الامر ويصير كأنه تصرف في ملك الورثة فإن كان رأس المال يومئذ قائما في يده لم يتصرف فيه ثم اشترى بعد ذلك فالمشترى وربحه يكون له لأنه زال ملك رب المال عن المال فينعزل المضارب عن المضاربة فصار متصرفا في ملك الورثة بغير أمرهم وإن كان صار رأس المال متاعا فبيع المضارب فيه وشراؤه جائز حتى ينض رأس المال لما ذكرنا في هذه الحالة لا ينعزل بالعزل والنهى ولا بموت رب المال فكذلك ردته فان حصل في يد المضارب دنانير ورأس المال دراهم أو حصل في يده دراهم ورأس المال دنانير فالقياس أن لا يجوز له التصرف لان الذي حصل في يده من جنس رأس المال معنى لاتحاد هما في الثمنية فيصير كان عين المال قائم في يده الا انهم استحسنوا فقالوا إن باعه بجنس رأس المال جاز لان على المضارب ان يرد مثل رأس المال فكان له ان يبيع ما في يده كالعروض وأما على أصل أبى يوسف ومحمد فالردة لا تقدح في ملك المرتد فيجوز تصرف المضارب بعد ردة رب المال كما يجوز تصرف رب المال بنفسه عند هما فان مات رب المال أو قتل كان موته كموت المسلم في بطلان عقد المضاربة وكذلك ان لحق بدار الحرب وحكم بلحاقه لان ذلك بمنزلة الموت بدليل ان ماله يصير ميراثا لورثته فبطل أمره في المال فإن لم يرتد رب المال ولكن المضارب ارتد فالمضاربة على حالها في قولهم جميعا لان وقوف تصرف رب المال نفسه لو قوف ملكه ولا ملك للمضارب فيما يتصرف فيه بل الملك لرب المال ولم توجد منه الردة فبقيت المضاربة الا انه لا عهدة على المضارب وإنما العهدة على رب المال في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله لان العهدة تلزم بسبب المال فتكون على رب المال وصار كما لو وكل صبيا محجورا أو عبدا محجورا فاما على قولهما فالعهدة عليه لان تصرفه كتصرف المسلم وان مات المضارب أو قتل على الردة بطلت المضاربة لان موته في الردة كموته قبل الردة وكذا إذا لحق بدار الحرب وقضى بلحوقه لان ردته مع اللحاق والحكم به بمنزلة موته في بطلان تصرفه فان لحق المضارب
(١١٢)