والكذب ولا يقع الترجيح الا بالعدالة واحتج في انعقاد النكاح بقوله عليه الصلاة والسلام لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل (ولنا) عمومات قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم وقوله عليه الصلاة والسلام لا نكاح الا بشهود والفاسق شاهد لقوله سبحانه وتعالى ممن ترضون من الشهداء قسم الشهود إلى مرضيين وغير مرضيين فيدل على كون غير المرضى وهو الفاسق شاهدا ولان حضرة الشهود في باب النكاح لدفع تهمة الزنا لا للحاجة إلى شهادتهم عند الجحود والانكار لان النكاح يشتهر بعد وقوعه فيمكن دفع الجحود والانكار بالشهادة بالتسامع والتهمة تندفع بحضرة الفاسق فينعقد النكاح بحضرتهم وأما قوله الركن في الشهادة هو صدق الشاهد فنعم لكن الصدق لا يقف على العدالة لا محالة فان من الفسقة من لا يبالي بارتكابه أنواع من الفسق ويستنكف عن الكذب والكلام في فاسق تحرى القاضي الصدق في شهادته فغلب على ظنه صدقه ولو لم يكن كذلك لا يجوز القضاء بشهادته عندنا وأما الحديث فقد روى عن بعض نقلة الحديث أنه قال لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يثبت فلا حجة له فيه بل هو حجة عليه لأنه ليس فيه جعل العدالة صفة للشاهد لأنه لو كان كذلك لقال لا نكاح الا بولي وشاهدين عدلين بل هذا إضافة الشاهدين إلى العدل وهو كلمة التوحيد فكأنه قال عليه الصلاة والسلام لا نكاح الا بولي مقابلي كلمة العدل وهي كلمة الاسلام والفاسق مسلم فينعقد النكاح بحضرته ومنها أن لا يكون محدودا في قذف عندنا وهو شرط الأداء وعند الشافعي رحمه الله ليس بشرط واحتج بعمومات الشهادة من غير فصل لان المانع هو الفسق بالقذف وقد زال بالتوبة (ولنا) قوله تعالى جل وعلا والذين يرمون المحصنات الآية نهى سبحانه وتعالى عن قبول شهادة الرامي على التأبيد فيتناول زمان ما بعد التوبة وبه تبين أن المحدود في القذف مخصوص من عمومات الشهادة عملا بالنصوص كلها صيانة لها عن التناقض وكذلك الذمي إذا قذف مسلما فحد حد القذف لا تقبل شهادته على أهل الذمة فان أسلم جازت شهادته عليهم وعلى المسلمين وبمثله العبد المسلم إذا قذف حرا ثم حد حد القذف ثم عتق لا تقبل شهادته أبدا وان أعتق (ووجه) الفرق أن إقامة الحد توجب بطلان شهادة كانت للقاذف قبل الإقامة والثابت للذمي قبل إقامة الحد شهادته على أهل الذمة لا على أهل الاسلام فتبطل تلك الشهادة بإقامة الحد فإذا أسلم فقد حدثت له بالاسلام شهادة غير مردودة وهي شهادته على أهل الاسلام لأنها لم تكن له لتبطل بالحد فتقبل هذه الشهادة ثم من ضرورة قبول شهادته على أهل الاسلام قبول شهادته على أهل الذمة بخلاف العبد لان العبد من أهل الشهادة وان لم تكن له شهادة مقبولة لان له عدالة الاسلام والحد أبطل ذلك على التأبيد ولو ضرب الذمي بعض الحد فاسلم ثم ضرب الباقي تقبل شهادته لان المبطل للشهادة إقامة الحد في حالة الاسلام ولم توجد لان الحد اسم للكل فلا يكون البعض حدا لان الحدة لا يتجزأ وهذا جواب ظاهر الرواية وذكر الفقيه أبو الليث عليه الرحمة روايتين أخريين فقال في رواية لا تقبل شهادته وفى رواية تقبل شهادته ولو ضرب سوطا واحدا في الاسلام لان السياط المتقدمة توقف كونها حدا على وجود السوط الأخير وقد وجد كمال الحد في حالة الاسلام وفي رواية اعتبر الأكثر ان وجد أكثر الحد في حال الاسلام تبطل شهادته وإلا فلا لان للأكثر حكم الكل في الشرع والصحيح جواب ظاهر الرواية لما ذكرنا أن الحد اسم للكل وعند ضرب السوط الأخير تبين أن السياط كلها كانت حدا ولم يوجد الكل في حال الاسلام بل البعض فلا ترد به الشهادة الحادثة بالاسلام هذا إذا شهد بعد إقامة الحد وبعد التوبة فاما إذا شهد بعد التوبة قبل إقامة الحد فتقبل شهادته بالاجماع ولو شهد بعد إقامة الحد قبل التوبة لا تقبل شهادته بالاجماع ولو شهد قبل التوبة وقبل إقامة الحد فهي مسألة شهادة الفاسق وقد مرت وأما النكاح بحضرة المحدودين في القذف فينعقد بالاجماع أما عند الشافعي رحمه الله فلان له شهادة أداء فكانت له شهادة سماعا وأما عندنا فلان حضرة الشهود لدى النكاح ليست لدفع الجحود والانكار لاندفاع الحاجة بالشهادة بالتسامع بل لرفع ريبة الزنا والتهمة به وذا يجعل بحضرة المحدودين في القذف فينعقد النكاح بحضرتهم ولا تقبل شهادتهم للنهي عن القبول والانعقاد ينفصل
(٢٧١)