وفيه رعاية الجانبين فكان أولى ويطلق من الحبس إن كان محبوسا إلى غاية الا دراك لان الحبس جزاء الظلم وهو المطل وانه غير مما طل قبل الادراك لكونه ممنوعا عن بيع الأرض شرعا والممنوع معذور فإذا أدرك الزرع يرد إلى الحبس ثانيا ليبيع أرضه ويؤدى دينه بنفسه والا فيبيع القاضي عليه (وأما) الثاني الذي يرجع إلى المزارع فنحو المرض لأنه معجز عن العمل والسفر لأنه يحتاج إليه وترك حرفة إلى حرفة لان من الحرف مالا يغنى من جوع فيحتاج إلى الانتقال إلى غيره ومانع يمنعه من العمل على ما عرف في كتاب الإجارة (فصل) وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة بعد وجوده فأنواع (منها) الفسخ وهو نوعان صريح ودلالة فالصريح وأن يكون بلفظ الفسخ والإقالة لان المزارعة مشتملة على الإجارة والشركة وكل واحد منهما قابل لصريح الفسخ والإقالة وأما الدلالة فنوعان الأول امتناع صاحب البذر عن المضي في العقد بان قال لا أريد مزارعة الأرض ينفسخ العقد لما ذكرنا ان العقد غير لازم في حقه فكان بسبيل من الامتناع عن المضي فيه من غير عذر ويكون ذلك فسخا منه دلالة والثاني حجر المولى على العبد المأذون بعد ما دفع الأرض والبذر مزارعة وبيان ذلك ان العبد المأذون إذا دفع الأرض والبذر مزارعة فحجره المولى قبل المزارعة ينفسخ العقد حتى يملك منع المزارع من المزارعة لأن العقد لم يقع لازما من جهة العبد لأنه صاحب بذر فيملك المولى منعه عن الزراعة بالحجر كما كان يملك العبد منعه قبل الحجر ولن كان البذر من جهة المزارع لا ينفسخ العقد حتى لا يملك المولى ولا العبد منع المزارع عن المزارعة لأن العقد لازم من قبل صاحب البذر ولهذا لا يملك العبد منعه عن الزراعة فبل الحجر فلا يملك المولى منعه بالحجر أيضا هذا إذا دفع الأرض مزارعة فاما إذا أخذها مزارعة فإن كان البذر من قبله انفسخ العقد لأنه إذا حجر عليه فقد عجز عن العمل وانه يوجب انفساخ العقد لفوات المعقود عليه وإن كان البذر والأرض من قبل صاحب البدر لا ينفسخ العقد بالحجر لأنه بالحجر لم يعجز عن الغمل الا أن للمولى منعه عن العمل لما فيه من اتلاف ملكه وهو البذر فله أن يفسخ مالا ينفسح بالحجر هذا إذا حجر على العبد المأذون قاما إذا لم يحجر عليه ولكن نهاه عن الزراعة أو فسخ العقد بعد الزراعة أو نهي قبل ذلك الا أنه لم يحجر عليه فالنهي باطل وكذلك نهى الأب الصبي المأذون قبل عقد المزارعة أو بعده لان النهي عن الزراعة والفسخ بعدها من باب تخصيص الاذن بالتجارة والاذن بالتجارة مما لا يحتمل التخصيص (ومنها) انقضاء مدة المزارعة لأنها إذا انقضت فقد انتهى العقد وهو معنى الانفساخ (ومنها) موت صاحب الأرض سواء مات قبل الزراعة أو بعدها وسواء أدرك الزرع أو هو بقل لأن العقد أفادا لحكم له دون وارثه لأنه عاقد لنفسه والأصل أن من عقد لنفسه بطريق الأصالة فحكم تصرفه يقع له لا لغيره الا لضرورة (ومنها) موت المزارع سواء مات قبل الزراعة أو بعدها بلغ الزرع حد الحصاد أولم يبلغ لما ذكرنا (فصل) وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة فنقول وبالله التوفيق لا يخلو من وجهين اما ان انفسخت قبل الزراعة أو بعدها فان انفسخت قبل الزراعة لا شئ للعامل وان كرب الأرض وحفر الأنهار وسوى المسنيات بأي طريق انفسخ سواء انفسخ بصريح الفسخ أو بدليله أو بانقضاء المدة أو بموت أحد المتعاقدين لان الفسخ يظهر أثره في المستقبل بانتهاء حكمه في الماضي فلا يتبين أن العقد لم يكن صحيحا والواجب في العقد الصحيح المسمى وهو بعض الخارج ولم يوجد فلا شئ وقيل هذا جواب الحكم فأما فيما بينه وبين الله تعلى عليه أن يرضى العامل فيما إذا امتنع عن المضي في العقد قبل الزراعة ولا يحل له الامتناع شرعا فإنه يشبه التعزير وانه حرام وان انفسخت بعد الزراعة فإن كان الزرع قد أدرك وبلغ الحصاد فالحصاد والخارج بينهما على الشرط وإن كان لم يدرك فكذا الجواب في صريح الفسخ ودليله وانقضاء المدة لان الزرع بينهما على الشرط والعمل فيما بقي إلى وقت الحصاد عليهما وعلى المزارع أجر مثل نصف الأرض لصاحب الأرض (أما) الزرع بينهما على الشرط فلما مران انفساخ العقد يظهر أثره في المستقبل لا في الماضي فبقي الزرع بينهما على ما كان قبل الانفساخ (وأما) العمل فيما بقي إلى وقت الحصاد
(١٨٤)