(فصل) وأما ركن المزارعة فهو الايجاد والقبول وهو أن يقول صاحب الأرض للعامل دفعت إليك هذه الأرض مزارعة بكذا ويقول العامل قبلت أو رضيت أو ما يدل على قبوله ورضاه فإذا وجدا تم العقد بينهما (فصل) وأما الشرائط فهي في الأصل نوعان شرائط مصححة للعقد على قول من يجيز المزارعة وشرائط مفسدة له (اما) المصححة فأنواع بعضها يرجع إلى المزارع وبعضها يرحع إلى الزرع وبعضها يرجع إلى ما عقد عليه المزارعة وبعضها يرجع إلى الآلة للمزارعة وبعضها إلى الخارج وبعضها يرجع إلى المزروع فيه وبعضها يرجع إلى مدة المزارعة (اما) الذي يرجع إلى المزارع فنوعان الأول أن يكون عاقلا فلا تصح مزارعة المجنون والصبي الذي لا يعقل المزارعة دفعا واحدا لأن العقد شرط أهلية التصرفات و (أما) البلوغ فليس بشرط لجواز المزارعة حتى تجوز مزارعة الصبي المأذون دفعا واحدا لان المزارعة استئجار ببعض الخارج والصبي المأذون يملك الإجارة لأنها تجارة فيملك المزارعة كذلك الحرية ليست بشرط لصحة المزارعة فتصح المزارعة من العبد المأذون دفعا واحدا لما ذكرنا في الصبي المأذون والثاني أن لا يكون مرتدا على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله في قياس قول من أجاز المزارعة فلا تنفذ مزارعته للحال بل هي موقوفة وعند هما هذا ليس بشرط لجواز المزارعة ومزارعة المرتد نافذة للحال بيان ذلك أنه إذا دفع المرتد أرضا إلى رجل مزارعة بالنصف أو بالثلث أو بالربع فعمل الرجل وأخرجت الأرض زرعا ثم قتل المرتد أو مات على الردة أو لحق بدر الحرب وقضى بلحاقه بدار الحرب فهذا على وجهين اما ان دفع الأرض والبذر جميعا مزارعة أو دفع الأرض دون البذر فان دفعهما جميعا مزارعة فالخارج كله للمزارع ولا شئ لورثة المرتد لان مزارعته كانت موقوفة فإذا مات أو لحق بدار الحرب تبين انه لم يصح أصلا فصار كأن العامل زرع أرضه ببذر مغصوب ومن عصب من آخر حبا وبذر به أرضه فأخرجت كان الخارج له دون صاحب البذر وعلى العامل مثل ذلك البذر لأنه مغصوب استهلكه وله مثله فيلزمه مثله ثم ينظر إن كانت الأرض نقصتها المزارعة فعليه ضمان النقصان لأنه أتلف مال الغير بغير اذنه فيجب عليه الضمان ويتصدق بما وراء قدر البذر ونقصان الأرض لأنه حصل بسبب خبيث فكان سبيله التصدق وإن كانت لم ينقضها المزارعة فلا ضمان عليه لانعدام الاتلاف وان أسلم فالخارج بينهما على الشرط سواء أسلم قبل أن يستحصد الزرع أو بعد ما استحصد لأنه لما أسلم تبين ان المزارعة وقعت صحيحة وعند أبي يوسف ومحمد الخارج على الشرط كيف ما كان لان تصرفات المرتد نافذة عندهما بمنزلة تصرفات المسلم فتكون حصته له فان مات أو لحق بدار الحرب يكون لورثته وان دفع إليه الأرض دون البذر فالخارج له أيضا لأنه اما ظهر انه لما لم تصح المزراعة صار كأنه غصب أرضا وبذرها ببذر نفسه فأخرجت ولو كان كذلك كان الخارج له كذا هذا الا انه يأخذ من ذلك قدر بذره ونفقته وضمان النقصان إن كانت المزارعة نقصتها ويتصدق بالفضل لما ذكرنا وإن كانت لم تنقصها فقياس قول أبي حنيفة رحمه الله على قياس قول من أجاز المزارعة أن يكون الخارج كله للعامل ولا يلزمه نقصان الأرض ولا غيره وفي الاستحسان الخارج بين العامل وبين ورثة المرتد على الشرط (وجه) القياس ما ذكرنا انه يصير بمنزلة الغاصب ومن غصب من آخر أرضا فزرعها ببذر نفسه ولم تنقصها الزراعة كان الخارج كله له ولا يلزمه شئ كذا هذا (وجه) الاستحسان ان انعدام صحة تصرف المرتد بعد الموت واللحاق ليس لمكان انعدام أهليته لان الردة لا تنافي انعدام الأهلية بل لتعلق حق ورثته بماله لوجود أمارة الاستغناء بالردة لأن الظاهر أنه لا يسلم بل يقتل أو يلحق بدار الحرب فيستغنى عن ماله فيثبت التعلق نظرا لهم ونظرهم هنا في تصحيح التصرف لا في ابطاله ليصل إليهم شئ فأشبه العبد المحجور إذا آجر نفسه وسلم من العمل انه لا يبطل تصرفه بل يصحح حتى تجب الأجرة لان الحكم ببطلان تصرفه لنظر المولى ونظره ههنا في التصحيح دون الابطال كذا هذا وإذا أسلم المرتد فالخارج على الشرط سواء أسلم قبل انقضاء المزارعة أو بعد انقضائها نقصت الزراعة الأرض أولم تنقضها كما ذكرنا في الوجه الأول وعلى قولهما الخارج على الشرط كيف ما كان أسلم أو قتل أو لحق لان تصرفاته نافذة بمنزلة تصرفات المسلم هذا إذا
(١٧٦)