أو شهر كذا أو سنة كذا فهو جائز أو قال ما اشتريت لي من شئ بألف درهم فهو جائز أو ما اشتريت لي من البز والخز فهو جائز وإنما كان كذلك لان مطلق هذا اللفظ يحتمل الشركة ويحتمل الوكالة فلا بد من النية فان نويا به الشركة كان شركة في عموم التجارات لان الأصل في الشركة العموم لان المقصود منها تحصيل الربح وهذا المقصود لا يحصل الا بتكرار التجارة مرة بعد أخرى ولا يشترط لها بيان شئ مما ذكرنا لا ن ذلك ليس بشرط لصحة الشركة وان نويا به الوكالة كان وكالة ويقف صحتها على شرائطها من الخاصة أو العامة لا مبنى الوكالة على الخصوص لان المقصود منها تملك العين لا تحصيل الربح منها فلا بد فيها من التخصيص ببيان ما ذكرنا الا أنه يكتفى في الوكالة العامة ببيان أحد الأشياء التي وصفنا لأنه لما عممها بتقويض الرأي فيها إلى الوكيل فقد شبهها بالشركة فكان في احتمال الجهالة الفاحشة كالشركة لكنها وكالة والخصوص أصل في الوكالة فلا بد فيها من ضرب تخصيص فان أتى بشئ مما ذكرنا جازت وإلا بطلت قال بشر سمعت أبا يوسف يقول في رجل قال لرجل ما اشتريت اليوم من شئ فبيني وبينك نصفين فقال الرجل نعم فان أبا حنيفة رحمه الله قال هذا جائز وكذلك قال أبو يوسف وكذا وان وقت مالا ولم يوقت يوما وكذا ان وقت صنفا من الثياب وسمى عددا أو لم يسم ثمنا ولا يوما وان قال ما اشتريت من شئ فهو بيني وبينك ولم يسم شيئا مما ذكرنا فان أبا حنيفة رحمه الله قال لا يجوز وكذلك قال أبو يوسف لما ذكرنا انه لما لم يذكر البيع ولا ما يدل على شركة العقود علم أنها وكالة فلا تصح الا بضرب من التخصيص على ما بينا وذكر محمد في الأصل في رجلين اشتركا بغير مال على أن ما اشتريا اليوم فهو بينهما خصا صنفا من الأصناف أو عما ولم يخصا فهو جائز وكذلك ان لم يوقتا للشركة وقتا كان هذا جائزا لأنهما لما جعلا ما يشتريه كل واحد بينهما دل على أنها شركة وليست بوكالة لان الوكالة لا تكون من الجانبين عادة وإذا كان شركة فالشركة لا تحتاج إلى التخصيص قال وان أشهد أحدهما أن ما يشتريه لنفسه بغير محضر من صاحبه فكلما اشتر يا شيئا فهو بينهما لان الشركة لما صحت كان كل واحد منهما وكيل الآخر فيما يشتريه فهو بالاشهاد انه يشترى لنفسه يريد اخراج نفسه من الوكالة بغير محضر من الموكل فلا يملك ذلك (وأما) الشركة بالأعمال فهو أن يشتركا على عمل من الخياطة أو القصارة أو غيرهما فيقولا اشتركنا على أن نعمل فيه على أن ما رزق الله عز وجل من أجرة فيه بيننا على شرط كذا (وأما) الشركة بالوجوه فهو أن يشتركا وليس لهما مال لكن لهما وجاهة عند الناس فيقولا اشتركنا على أن نشتري بالنسيئة ونبيع بالنقد على أن ما رزق الله سبحانه وتعالى من ربح فهو بيننا على شرط كذا وسمى هذا النوع شركة الوجوه لأنه لا يباع بالنسيئة الا الوجيه من الناس عادة ويحتمل انه سمى بذلك لان كل واحد منهما يواجه صاحبه ينظر ان من بيعهما بالنسيئة ويدخل في كل واحد من الأنواع الثلاثة العنان والمفاوضة ويفصل بينهما بشرائط تختص بالمفاوضة نذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى (فصل) وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة فقد قال أصحابنا انها جائزة عنانا كانت أو مفاوضة وقال الشافعي رحمه الله شركة الاعمال والوجوه لا جواز لها أصلا ورأسا (وأما) شركة الأموال فتجوز فيها العنان ولا تجوز فيها المفاوضة وقال مالك رحمه الله لا أعرف المفاوضة وقيل في اشتقاق العنان انه مأخوذ من العن وهو الاعراض يقال عن لي أي اعترض وظهر قال امرؤا القيس فعن لنا شرب كأن نعاجه * عذارى دوار في ملاء مدبل سمى هذا النوع مثل الشركة عنا نا لأنه يقع على حسب ما يعن لهما في كل التجارات أو في بعضها دون بعض وعند تساوى المالين أو تفاضلهما وقيل هو مأخوذ من عنان الفرس أن يكون بإحدى يديه ويده الأخرى مطلقة يفعل بها ما يشاء فسمى هذا النوع من الشركة له عنانا لأنه لا يكون الا في بعض الأموال ويتصرف كل واحد منهما في الباقي كيف يشاء أو لان كل واحد منهما جعل عنان التصرف في المال المشترك لصاحبه وكان أهل الجاهلية يتعاطون هذا الشركة قال النابغة.
(٥٧)