جاز لأنه كفل بالنفس مطلقا وعلق الكفالة بالمال بشرط عدم الموافاة بالنفس عند طلب الموافاة وهذا شرط ملائم للعقد لما ذكر نا فإذا طلب منه المكفول له تسليم النفس فان سلم مكانه برئ لأنه أتى بما التزم وان لم يسلم فعليه المال لتحقق الشرط وهو عدم الموافاة بالنفس عند الطلب ولو قال ائتني به عشية أو غدوة وقال الكفيل أنا آتيك به بعد غد فإن لم يأت به في الوقت الذي طلب المكفول له فعليه المال لوجود شرط اللزوم وان أخر المطالبة إلى ما بعد غد كما قاله الكفيل فأتى به فهو برئ من المال لأنه بالتأخير أبطل الطلب الأول فلم يبق التسليم واجبا عليه وصار كأنه طلب منه من الابتداء التسليم بعد غدو قد وجد وبرئ من المال ولو كفل بالمال وقال إن وافيتك به غدا فانا برئ فوافاه من الغد يبرأ من المال في رواية وفى رواية لا يبرأ (وجه) الرواية الأخيرة ان قوله إن وافيتك به غدا فانا برئ تعليق البراءة عن المال بشرط الموافاة بالنفس والبراءة لا تحتمل التعليق بالشرط لان فيها معنى التمليك والتمليكات لا يصح تعليقها بالشرط (وجه) الرواية الأولى ان هذا ليس بتعليق البراءة بشرط الموافاة بل هو جعل الموافاة غاية للكفالة بالمال والشرط قد يذكر بمعنى الغاية لمناسبة بينهما والأول أشبه ولو شرط في الكفالة بالنفس ان يسلمه إليه في مجلس القاضي جاز لان هذا شرط مفيد ويكون التسليم في المصر أو في مكان يقدر على احضاره مجلس القاضي تسليما إلى القاضي لما نذكر إن شاء الله تعالى ولو شرط أن يسلمه إليه في مصر معين يصح التقييد بالمصر بالاجماع الا أنه لا يصح التعيين عند أبي حنيفة وعند هما يصح على ما نذكر إن شاء الله تعالى ولو شرط ان يدفعه إليه عند الأمير لا يتقيد به حتى لو دفعه إليه عند القاضي أو عزل الأمير وولى غيره فدفعه إليه عند الثاني جاز لان التقييد غير مفيد ولو كفل بنفسه فإن لم يواف به فعليه ما يدعيه الطالب فان ادعى الطالب ألفا فإن لم يكن عليه بينة لا يلزم الكفيل لأنه لا يلزم بنفس الدعوى شئ فقد أضاف الالتزام إلى ما ليس بسبب اللزوم وكذا إذا أقربها المطلوب لان اقراره حجة عليه لا على غيره فلا يصدق على الكفيل ولو قامت البينة عليها أو أقر بها الكفيل فعليه الألف لان البينة سبب لظهور الحق وكذا اقرار الانسان على نفسه صحيح فيؤاخذ به ولو كفل بنفسه على أنه ان لم يواف به إلى شهر فعليه ما عليه فمات الكفيل قبل الشهر وعليه دين ثم مضى الشهر قبل أن يدفع ورثة الكفيل المكفول به إلى الطالب فالمال لازم للكفيل ويضرب الطالب مع الغرماء أما لزوم المال فلان الحكم بعد الشرط يثبت مضافا إلى السبب السابق وهو عند مباشرة السبب صحيح ولهذا لو كفل وهو صحيح ثم مرض تعتبر الكفالة من جميع المال لامن الثلث (أما) الضرب مع الغرماء فلاستواء الدينين وكذا لو مات المكفول به ثم مات الكفيل لأنه إذا مات فقد عجز الكفيل عن تسليم نفسه فوجد شرط لزوم المال بالسبب السابق هذا إذا كانت الكفالة معلقة بالشرط فاما إذا كانت مضافة إلى وقت بان ضمن ما أدان له على فلان أو ما قضى له عليه أو ما داين فلانا أو ما أقرضه أو ما استهلك من ماله أو ما غصبه أو ثمن ما بايعه صحت هذه الكفالة لأنها أضيفت إلى سبب الضمان وان لم يكن الضمان ثابتا في الحال والكفالة إن كان فيها معنى التمليك فليست بتمليك محض فجاز أن تحمل الإضافة ولو قال كلما بايعت فلانا فثمنه على أو ما بايعت أو الذي بايعت يؤاخذ الكفيل بجميع ما بايعه ولو قال إن بايعت أو إذا بايعت أو متى بايعت يؤاخذ بثمن أول المبايعة ولا يؤاخذ بثمن ما بايعة بعدها لان كلمة كل لعموم الافعال وكذا كلمة ما والذي للعموم وقد دخلت على المبايعة فيقتضى تكرار المبايعة ولم يوجد مثل هذه الدلالة في قوله إن بايعت ونظائره والله عز وجل أعلم (فصل) وأما شرائط الكفالة فأنواع بعضها يرجع إلى الكفيل وبعضها يرجع إلى الأصيل وبعضها يرجع إلى المكفول له وبعضها يرجع إلى المكفول به ثم منها ما هو شرط الانعقاد ومنها ما هو شرط النفاذ (أما) الذي يرجع إلى الكفيل فأنواع (منها) العقل ومنها البلوغ وانهما من شرائط الانعقاد لهذا التصرف فلا تنعقد كفالة الصبي والمجنون لأنها عقد تبرع فلا تنعقد ممن ليس من أهل التبرع الا أن الأب أو الوصي لو استدان دينا في نفقة اليتيم وأمر اليتيم أن يضمن المال عنه جاز ولو أمره أن يكفل عنه النفس لم يجزلان ضمان الدين قد لزمه من غير شرط فالشرط
(٥)