على ما نذكر ومنها أنه لا يجوز التصرف في بدل الصلح قبل القبض إذا كان منقولا في نوعي الصلح فلا يجوز للمدعى بيعه وهبته ونحو ذلك وإن كان عقارا يجوز عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد لا يجوز ويجوز ذلك في الصلح عن القصاص للمصالح أن يبيعه ويبرئ عنه قبل القبض وكذلك المهر والخلع والفرق ان المانع من الجواز في سائر الواضع التحرز عن انفساخ العقد على تقدير الهلاك ولم يوجد هنا لان الصلح عن القصاص بمالا يحتمل الانفساخ فلا حاجة إلى الصيانة بالمنع كالموروث وبذا تبين ان الحاق العقد بالعقود التي هي مبادلة مال بغير مال على ما ذكره الطحاوي غير سديد ولو صالح عن القصاص على عين فهلكت قبل التسليم فعليه قيمتها لان الصلح لم ينفسخ فبقي وجوب التسلم وهو عاجز عن تسليم العين للمصلح فيجب تسليم القيمة (ومنها) ان الوكيل بالصلح إذا صالح ببدل الصلح يلزمه أو يلزم المدعى عليه فهذا في الأصل لا يخلو من وجهين إما أن يكون الصلح في معنى المعاوضة وإما أن يكون في معنى استيفاء عين الحق فإن كان في معنى المعاوضة يلزمه دون المدعى عليه لأنه يكون جار يا مجرى البيع وحقوق البيع راجعة إلى الوكيل وإن كان في معنى استيفاء عين الحق فهذا على وجهين أيضا اما ان ضمن بدل الصلح واما ان لم يضمن فإن لم يضمن لا يلزمه لأنه يكون سفيرا بمنزلة الرسول فلا ترجع إليه الحقوق وان ضمن لزمه بحكم الكفالة لا بحكم العقد (وأما) الفضولي فان نفذ صلحه فالبدل عليه ولا يرجع به على المدعى عليه لأنه متبرع وان وقف صلحه فان رده المدعى عليه بطل ولا شئ على واحد منهما وان أجازه جاز والبدل عليه دون الفضولي (فصل) وأما بيان ما يبطل به الصلح بعد وجوده فنقول وبالله التوفيق ما يبطل به الصلح أشياء (منها) الإقالة فيما سوى القصاص لان ما سوى القصاص لا يخلو عن معنى معاوضة المال بالمال فكان محتملا للفسخ كالبيع ونحوه (فاما) في القصاص فالصلح فيه اسقاط محض لأنه عفو والعفو اسقاط فلا يحتمل الفسخ كالطلاق ونحوه (ومنها) لحاق المرتد بدار الحرب أو موته على الردة عند أبي حنيفة بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده على الاسلام أو اللحوق بدار الحرب والموت فان أسلم نفذ وان لحق بدار الحرب وقضى القاضي به أو قتل أو مات على الردة تبطل وعندهما نافذة والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب يبطل من صلحها ما يبطل من صلح الحربية لان حكمها حكم الحربية والمسألة تعرف في موضعها إن شاء الله تعالى (ومنها) الرد بخيار العيب والرؤية لأنه يفسخ العقد لما علم (ومنها) الاستحقاق وأنه ليس ابطالا حقيقة بل هو بيان ان الصلح لم يصح أصلا لا أنه بطل بعد الصحة الا أنه ابطال من حيث الظاهر لنفاذ الصلح ظاهرا فيجوز الحاقه بهذا القسم لكنه ليس بابطال حقيقة فكان الحاقه باقسام الشرائط على ما ذكرنا أولى وأقرب إلى الصناعة والفقه فكان أولى (ومنها) هلاك أحد المتعاقدين في الصلح على المنافع قبل انقضاء المدة لأنه بمعنى الإجازة وأنها تبطل بموت أحد المتعاقدين وأما هلاك ما وقع الصلح على منفعته هل يوجب بطلان الصلح فلا يخلو اما إن كان حيوانا كالعبد والدابة أو غير حيوان كالدار والبيت فإن كان حيوانا لا يخلو اما ان هلك بنفسه أو باستهلاك فان هلك بنفسه يبطل الصلح اجماعا وان هلك باستهلاك فلا يخلو من ثلاثة أوجه اما ان استهلكه أجنبي واما ان استهلكه المدعى عليه واما ان استهلكه المدعى فان استهلكه أجنبي بطل الصلح عند محمد وقال أبو يوسف لا يبطل ولكنه للمدعى الخياران شاء نقض الصلح وان شاء اشترى له بقيمته عبدا يخدمه إلى المدة المضروبة (وجه) قول محمدان الصلح على المنفعة بمنزلة الإجارة لان الإجارة تمليك المنفعة بعوض وقد وجد ولهذا ملك إجارة العبد من غيره بمنزلة المستأجر في باب الإجارة والإجارة تبطل بهلاك المستأجر سواء هلك بنفسه أو باستهلاك كذا هذا (وجه) قول أبى يوسف ان هذا صلح فيه معنى الإجارة وكما أن معنى المعاوضة لازم في الإجارة فمعنى استيفاء عين الحق أصل في الصلح فيجب اعتبارهما جميعا ما أمكن ومعلوم انه لا يمكن استيفاء الحق من المنفعة لأنها ليست من جنس المدعى فيجب تحقيق معنى الاستيفاء من محل المنفعة وهو الرقبة ولا يمكن ذلك الابعد ثبوت الملك له فيها فتجعل كأنها ملكه في حق استيفاء حقه منها وبعد القتل ان تعذر الاستيفاء من عينها يمكن من بدلها فكان له أن يستوفى من البدل بان يشترى له عبدا فيخدمه إلى
(٥٤)