رجل كفالة واحدة فأحضره أحدهم برؤا جميعا وإن كانت الكفالة متفرقة لم يبرأ الباقون (ووجه) الفرق أن الداخل تحت الكفالة الواحدة فعل واحد وهو الاحضار وقد حصل ذلك بواحد والداخل تحت الكفالات المتفرقة أفعال متفرقة فلا يحصل باحضار واحد الابراء به فيبرأ هو دون الباقين وليس هذا كما إذا كفل جماعة بمال واحد كفالة واحدة أو متفرقة فأدى أحدهم برئ الباقون لان الدين يسقط عن الأصيل بأداء المال فلا يبقى على الكفيل لما مر والله سبحانه وتعالى أعلم ولو كفل بنفس رجل فإن لم يواف به غدا فعليه ما عليه وهو كذا فلقي الرجل الطالب فخاصمه الطالب ولازمه فالمال على الكفيل وان لازمه إلى آخر اليوم لأنه لم يوجد من الكفيل الموافاة به ولو قال الرجل للطالب قد دفعت نفسي إليك عن كفالة فلان يبرأ الكفيل من المال سواء كانت الكفالة بالنفس بأمره أولا لأنه أقام نفسه مقام الكفيل في التسليم عنه فيصح التسليم كمن تبرع بقضاء دين غيره ان هناك لا يجبر على القبول وهنا يجبر عليه والفرق انعدام الجبران على القبول في باب المال للتحرز عن لحوق المنة المطلوبة من جهة المتبرع لان نفسه ربما لا تطاوعه بتحمل المنة فيتضرر به وهذا المعنى هنا معدوم لان تسليم نفسه واجب عليه ولا منة في أداء الواجب سواء كانت الكفالة بالنفس بأمره أو بغير أمره لان نفسه مضمون التسليم في الحالين، والثاني الابراء إذا أبرأ الطالب الكفيل من الكفالة بالنفس خرج عن الكفالة لان حكم الكفالة بالنفس حق المطالبة بتسليم النفس وقد أسقط المطالبة عنه بالابراء فينتهي الحق ضرورة ولا يكون هذا الابراء للأصيل لأنه أسقط المطالبة عنه دون الأصيل ولو أبرأ الأصيل برئا جميعا لان الكفالة بمضمون على الأصيل وقد بطل الضمان بالابراء فينتهي حكم الكفالة والثالث موت المكفول بنفسه لان الكفالة بمضمون على الأصيل وقد سقط الضمان عنه فيسقط عن الكفيل والله عز وجل أعلم (وأما) الكفيل بالأعيان المضمونة بنفسها والافعال المضمونة تخرج عن الكفالة بأحد أمرين أحدهما تسليم العين المضمونة بنفسها إن كانت قائمة وتسليم مثلها أو قيمتها إن كانت هالكة ويحصل الفعل المضمون وهو التسليم والحمل والثاني الابراء فلا يخرج بموت الغاصب والبائع والمكاري لان نفس هؤلاء غير مكفول بها حتى يسقط بموتهم والله تعالى أعلم (فصل) وأما رجوع الكفيل فجملة الكلام في الرجوع في موضعين أحدهما في شرائط ولاية الرجوع والثاني في بيان ما يرجع به (أما) الشرط فأنواع (منها أن تكون الكفالة بأمر الكفول عنه لا ن معنى الاستقراض لا يتحقق بدونه ولو كفل بغير أمره لا يرجع عليه عند عامة العلماء وقال مالك رحمه الله يرجع والصحيح قول العامة لان الكفالة بغير أمره تبرع بقضاء دين الغير فلا يحتمل الرجوع (ومنها) أن يكون باذن صحيح وهو اذن من يجوز اقراره على نفسه بالدين حتى أنه لو كفل عن الصبي المحجور باذنه فأدى لا يرجع لان اذنه بالكفالة لم يصح لأنه من المكفول عنه استقراض واستقراض الصبي لا يتعلق به الضمان (وأما) العبد المحجور فاذنه بالكفالة صحيح في حق نفسه حتى يرجع عليه بعد العتاق لكن لا يصح في حق المولى فلا يؤاخذ به في الحال والله عز وجل أعلم (ومنها) إضافة الضمان إليه بأن يقول اضمن عنى ولو قال اضمن كذا ولم يضف إلى نفسه لا يرجع لأنه إذا لم يضف إليه فالكفالة لم تقع اقراضا إياه فلا يرجع عليه (ومنها) أداء المال إلى الطالب أو ما هو في معنى الأداء إليه فلا يمكن الرجوع قبل الأداء لان معنى الاقراض والتمليك لا يتحقق الا بأداء المال فلا يملك الرجوع قبله (ومنها) أن لا يكون للأصيل على الكفيل دين مثله فاما إذا كان فلا يرجع لأنه إذا أدى الدين التقى الدينان قصاصا إذ لو ثبت للكفيل حق الرجوع على الأصيل لثبت للأصيل أن يرجع عليه أيضا فلا يفيد فيسقطان جميعا ولو وهب صاحب الدين المال للكفيل يرجع على الأصيل لان الهبة في معنى الأداء لأنه لما وهب منه فقد ملك ما في ذمة الأصيل فيرجع عليه كما إذا ملكه بالأداء وإذا وهب الدين من الأصيل برئ الكفيل لان هذا وأداء المال سواء لأنه لما وهبه منه فقد ملك ما في ذمته كما إذا أدى ومتى برئ الأصيل برئ الكفيل لان براءة الأصيل توجب براءة الكفيل ولو مات الطالب فورثه الكفيل
(١٣)