لا تبطل بالشروط الفاسدة فيصح العقد ويبطل الاستثناء ويدخل الام والولد جميعا في العقد لان الشرط الفاسد وهو الاستثناء فيها إذا لم يصح التحق بالعدم فصار كأنه لم يستثن وكذا العتق بان أعتق جارية واستثنى ما في بطنها انه يصح العتق ولا يصح الاستثناء حتى يعتق الام والولد جميعا لما قلنا (وأما) القسم الثالث فالوصية به أوصى لرجل بجارية واستثنى ما في بطنها لأنه لما جعل الجارية وصية له واستثنى ما في بطنها فقد أبقى ما في بطنها ميراثا لورثته والميراث يجرى فيما في البطن وهذا بخلاف ما إذا أوصى بجارية لرجل واستثنى خدمتها وغلتها لورثته انه تصح الوصية ويبطل الاستثناء لان الغلة والخدمة لا يجرى فيهما الميراث بانفرادهما بدون الأصل ألا ترى انه لو أوصى بخدمتها وغلتها لانسان ومات الموصى ثم مات الموصى له بعد القبول لا تصير الغلة والخدمة ميراثا لورثة الموصى له بل تعود إلى ورثة الموصى وبمثله لو أوصى بما في بطن جاريته لانسان والمسألة بحالها فان الولد يصير ميراثا لورثة الموصى له وما افترقا الا لما ذكرنا والله عز وجل أعلم وإن كانت القرينة ومنفعة بان قال داري لك سكنى أو عمري سكنى أو صدقة سكنى أو هبة سكنى أو سكنى هبة أو هي لك عمري عارية ودفعها إليه فهذا كله عارية لأنه لما ذكر السكنى في قوله داري لك سكنى أو عمري سكنى أو صدقة سكنى دل على أنه أراد تمليك المنافع لان قوله هذا لك ظاهر وإن كان لتمليك العين لكنه يحتمل تمليك المنفعة لان الإضافة إلى المستعير والمستأجر منفعة عرفا وشرعا وقوله سكنى موضوع للمنفعة لا تستعمل الا لها فكان محكما فجعل تفسيرا للمحتمل وبيانا انه أراد به تمليك المنفعة وتمليك المنفعة بغير عوض هو تفسير العارية وكذا قول سكنى بعد ذكر الهبة يكون تفسيرا للهبة لان قوله هبة يحتمل هبة العين ويحتمل هبة المنافع فإذا قال سكنى فقد عين هبة المنافع فكان بيانا لمراد المتكلم انه أراد هبة المنافع وهبة المنفعة تمليكها من غير عوض وهو معنى العارية وإذ قال سكنى هبة فمعناها أن سكنى الدار هبة لك فكان هبة المنفعة وهو تفسير العارية ولو قال هي لك عمري تسكنها أو هبة تسكنها أو صدقة تسكنها ودفعها إليه فهو هبة لأنه ما فسر الهبة بالسكنى لأنه لم يجعله نعتا فيكون بيانا للمحتمل بل وهب الدار منه ثم شاوره فيما يعمل بملكه والمشورة في ملك الغير باطلة فتعلقت الهبة بالعين وقوله تسكنها بمنزلة قوله لتسكنها كما إذا قال وهبتها لك لتؤاجرها ولو قال هي لك تسكنها كانت هبة أيضا لان الإضافة بحرف اللام إلى من هو أهل الملك للتمليك وقوله تسكنها مشورة على ما بينا (فصل) وأما الشرائط فأنواع بعضها يرجع إلى نفس الركن وبعضها يرجع إلى الواهب وبعضها يرجع إلى الموهوب وبعضها يرجع إلى الموهوب له (أما) الأول فهو أن لا يكون معلقا بماله خطر الوجود والعدم من دخول زيد وقدوم خالد والرقبى ونحو ذلك ولا مضافا إلى وقت بأن يقول وهبت هذا الشئ منك غدا أو رأس شهر كذا لان الهبة تمليك العين للحال وانه لا يحتمل التعليق بالخطر والإضافة إلى الوقت كالبيع (وأما) ما يجرع إلى الواهب فهو أن يكون ممن يملك التبرع لان الهبة تبرع فلا يملكها من لا يملك التبرع فلا تجوز هبة الصبي والمجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضررا محضا لا يقابله نفع دنيوي فلا يملكها الصبي والمجنون كالطلاق والعتاق وكذا والأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف لان المتبرع بمال الصغير قربان ماله لا على وجه الأحسن ولأنه لا يقابله نفع دنيوي وقد قال الله تعالى عز شأنه ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن ولأنه إذا لم يقابله عوض دنيوي كان التبرع ضررا محضا وترك المرحمة في حق الصغير فلا يدخل تحت ولاية الولي لقوله عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وقوله عليه الصلاة والسلام من لا يرحم صغير نا فليس منا ولهذا لم يملك طلاق امرأته واعتاق عبده وسائر التصرفات الضارة المحضة وان شرط الأب العوض لا يجوز عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يجوز وعلى هذا هبة المكاتب والمأذون انه لا يجوز عند هما سواء كان بعوض أو بغير عوض وعنده يجوز بشرط العوض والأصل عندهما أن كل من لا يملك التبرع لا يملك الهبة لا بعوض ولا بغير عوض والأصل عنده أن كل من يملك البيع يملك الهبة بعوض (وجه) قول محمد ان الهبة تمليك فإذا شرط فيها العوض كانت تمليكا بعوض وهذا
(١١٨)