فيه بعد الادراك مما لا يفيده وكل عمل يكون بعد القسمة من الحمل إلى البيت ونحوه مما يحتاج إليه لا حراز المقسوم فعلى كل واحد منهما في نصيبه لان ذلك مؤنة ملكه فيلزمه دون غيره وروى عن أبي يوسف انه أجاز شرط الحصاد ورفع البيدر والدياس والتذرية على المزارع لتعامل الناس وبعض مشايخنا بما وراء النهر يفتون به أيضا وهو اختيار نصير بن يحيى بن محمد بن سلمة من مشايخ خراسان والجذاذ في باب المعاملة لا يلزم العامل بلا خلاف (أما) في ظاهر الرواية فلا يشكل وأما على رواية أبى يوسف فلانعدام التعامل فيه ولو باع الزرع قصيلا فاجتمعا على أن يقصلاه كان القصل على كل واحد منهما في قدر شرط الحب لأنه بمنزلة شرط الحصاد (ومنها) شرط التبن لمن لا يكون البذر من قبله وجملته ان هذا لا يخلو من ثلاثة أوجه اما ان شرطا أن يكون التبن واما ان سكتا عنه واما ان شرطا أن يكون لأحدهما دون الآخر فان شرطا أن يكون بينهما لاشك أنه يجوز لأنه شرط مقرر مقتضى العقد لان الشركة في الخارج من الزرع من معاني هذا العقد على ما مروان سكتا عنه يفسد عند أبي يوسف وعند محمد لا يفسد ويكون لصاحب البذر منهما وذكر الطحاوي ان محمدا رجع إلى أبى يوسف (وجه) قول محمد ان ما يستحقه صاحب البذر يستحقه ببذره لا بالشرط فكان شرط التبن والسكوت عنه بمنزلة واحدة (وجه) قول أبى يوسف ان كل واحد منهما أعنى الحب والتبن مقصود من العقد فكان السكوت عن التبن بمنزلة السكوت عن الحب وذا مفسد بالاجماع فكذا هذا وان شرطا أن يكون لأحدهما دون الآخر فان شرطاه لصاحب البذر جاز ويكون له لان صاحب البذر يستحقه من غير شرط لكونه نماء ملكه فالشرط لا يزيده الا تأكيدا وان شرطاه لمن لا بذر له فسدت المزارعة لان استحقاق صاحب البذر التبن بالبذر لا بالشرط لأنه نماء ملكه ونماء ملك الانسان ملكه فصار شرط كون التبن لمن لا بذر من قبله بمنزلة شرط كون الحب له وذا مفسد كذا هذا (ومنها) أن يشترط صاحب الأرض على المزارع عملا تبقى أثره ومنفعته بعد مدة المزارعة كبناء الحائط والسرقند واستحداث حفر النهر ورفع المسناة ونحو ذلك مما يبقى أثره ومنفعته إلى ما بعد انقضاء المدة لأنه شرط لا يقتضيه العقد وأما الكراب فلا يخلو في الأصل من وجهين (اما) ان شرطاه في العقد واما ان سكتا عنه فان سكتا عنه هل يدخل تحت عقد المزارعة حتى يجبر المزارع عليه امتنع أولا فسنذكره في حكم المزارعة الصحيحة إن شاء الله تعالى وان شرطاه في العقد فلا يخلو أيضا من وجهين اما ان شرطاه مطلقا عن صفة التثنية واما ان شرطاه مقيدا بها فان شرطاه مطلقا عن الصفة قال بعضهم انه يفسد العقد لان أثره يبقى إلى ما بعد المدة وقال عامتهم لا يفسد وهو الصحيح لان الكراب بدون التثنية مما يبطل السقي على وجه لا يبقى له أثر ومنفعة بعد المدة فلم يكن شرطه مفسدا للعقد وان شرطاه مع التثنية فسدت المزارعة لان التثنية اما أن تكون عبارة عن الكراب مرتين مزة للزراعة ومرة بعد الحصاد ليرد الأرض على صاحبها مكروبة وهذا شرط فاسد لاشك فيه لما ذكرنا أنه شرط عمل ليس هو من عمل المزارعة لان الكراب بعد الحصاد ليس من عمل المزارعة في هذه السنة واما أن يكون عبارة عن فعل الكراب مرتين الزراعة انه عمل يبقى أثره ومنفعته إلى ما بعد المدة فكان مفسدا حتى أنه لو كان في موضع لا يبقى لا يفسد كذا فقال بعض مشايخنا ولو دفع الأرض مزارعة على أنه ان زرعها بغير كراب فللمزارع الربع وان زرعها بكراب فله الثلث وان كربها وثناها فله النصف فهو جائر على ما شرطا كذا ذكر في الأصل وهذا مشكل في شرط الكراب مع التثنية لأنه شرط مفسد فينبغي أن يفسدها هذا الشرط وإذا عمل يكون له أجر مثل عمله فاما شرط الكراب وعدمه فصحيح على الشرط المذكور لأنه غير مفسد وبعضهم صححوا جواب الكتاب وفرقوا بين هذا الشرط وبين شرط التثنية بفرق لم يتضح وفرع في الأصل فقال ولو زرع بعض الأرض بكراب وبعضها بغير كراب وبعضها بثنيان فهو جائز والشرط بينهما في كل الأرض نافذ على ما شرطا كذا ذكر في الأصل وهذا بناء على الأول لأنه ان شرط التثنية في كل الأرض عند اختياره ذلك يصح في البعض بالطريق الأولى (فصل) وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة عند من يجيزها فنقول وبالله التوفيق للمزارعة الصحيحة أحكام
(١٨١)