الصلح على الخمر والخنزير من المسلم لأنه ليس بمال متقوم في حقه وكذا إذا صالح على دن من خل فإذا هو خمر لم يصح لأنه تبين انه لم يصادف محله ومنها أن يكون مملوكا للمصالح حتى أنه إذا صالح على مال ثم استحق من يد المدعى لم يصح الصلح لأنه تبين انه ليس مملوكا للمصالح فتبين ان الصلح لم يصح ومنها أن يكون معلوما لان جهالة البدل تؤدى إلى المنازعة فتوجب فساد العقد الا إذا كان شيئا لا يفتقر إلى القبض والتسليم كما إذا ادعى رجلان كل واحد منهما على صاحبه حقا ثم تصالحا على أن جعل كل واحد منهما ما ادعاه على صاحبه صلحا مما ادعاه عليه صاحبه يصح الصلح وإن كان مجهولا لان جهالة البدل لا تمنع جواز العقد لعينها بل لا فضائها إلى المنازعة المانعة من التسليم والتسلم فإذا كان مالا يستغنى عن التسليم والتسلم لا يفضى إلى المنازعة فلا يمنع الجواز الا أن الصلح من القصاص في النفس وما دونه تتحمل الجهالة القليلة في البدل كما تتحمل في المهر في باب النكاح والخلع والاعتاق على مال والكتابة لما علم ولو صالح على مسيل أو شرب من نهر لا حق له في رقبته أو على أن يحمل كذا وكذا جذعا على هذا الحائط وعلى أن يسيل ميزابه في داره أياما ما معلومة لا يجوز لان ما وقع عليه الصلح في هذه المواضع مفتقر إلى القبض والتسليم فلم تكن جهالته محتملة لهذا لا يجوز بيعها فلا يصح الصلح عليها والأصل ان كل ما يجوز بيعه وشراؤه يجوز الصلح عليه ومالا فلا (فصل) وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع أحدها أن يكون حق العبد لا حق الله عز وجل سواء كان مالا عينا أو دينا أو حقا ليس بمال عين ولا دين حتى لا يصح الصلح من حد الزنا والسرقة وشرب الخمر بأن أخذ زانيا أو سارقا من غيره أو شارب خمر فصالحه على مال أن لا يرفعه إلى ولى الامر لأنه حق الله تعالى جل شأنه ولا يجوز الصلح من حقوق الله تعالى عز شأنه لا ن المصالح بالصلح متصرف في حق نفسه اما باستيفاء كل حقه أو باستيفاء البعض واسقاط الباقي أو بالمعاوضة وكل ذلك لا يجوز في غير حقه وكذا إذا صالح من حد القذف بأن قذف رجلا فصالحه على مال على أن يعفو عنه لأنه وإن كان للعبد فيه حق فالمغلب فيه حق الله تعالى والمغلوب ملحق بالعدم شرعا فكان في حكم الحقوق المتمحضة حقا الله تعالى عز وجل وانها لا تحتمل الصلح كذا هذا وكذلك لو صالح شاهدا يريد أن يشهد عليه على مال على أن لا يشهد عليه فهو باطل لان الشاهد في إقامة الشهادة محتسب حقا لله تعالى عز شأنه قال الله سبحانه وتعالى وأقيموا الشهادة لله والصلح عن حقوق الله عز وجل باطل ويجب عليه ردما أخذ لأنه أخذه بغير حق ولو علم القاضي به أبطل شهادته لأنه فسق الا أن يحدث توبة فتقبل ويجوز الصلح عن التعزير لأنه حق العبد وكذا يصح عن القصاص في النفس وما دونه لان القصاص من حق العبد سواء كان البدل عينا أو دينا الا إذا كان دينا يشترط القبض في المجلس احترازا عن الافتراق عن دين بدين وسواء كان معلوما أو مجهولا جهالة غير متفاحشة حتى لو صالح من القصاص على عبد أو ثوب هروى جاز لان الجهالة قلت ببيان النوع لا ن مطلق العبد يقع على عبد وسط ومطلق الثوب الهروي يقع على الوسط منه فتقل الجهالة فيصح الصلح وله الخياران شاء أعطى الوسط من ذلك وان شاء أعطى قيمته كما في النكاح فاما إذا صالح على ثوب أو دابة أو دار لا يجوز لان الثياب والدواب أجناس تحتها أنواع مختلفة وجهالة النوع متفاحشة فتمنع الجواز وكذا جهالة الدور لاختلاف الأماكن ملحقة بجهالة الثوب والدابة فتمنع الجواز كما في باب النكاح والأصل ان كل جهالة بمنع صحة التسمية في باب النكاح تمنع صحة الصلح من القصاص ومالا فلا لان ما وقع عليه الصلح والمهر كل واحد منهما يجب بدلا عما ليس بمال والجهالة لا تمنع من الصحة لعينها الا ترى ان الشرع ورد بمهر المثل في باب النكاح مع أنه مجهول القدر وإنما يمنع منهالا فضائها إلى المنازعة ومبنى النكاح والصلح من القصاص على المسامحة كالانسان يسامح بنفسه مالا يسامح بماله عادة فلا يكون القليل من الجهالة مفضيا إلى المنازعة فلا يمنع من الجواز بخلاف باب البيع لان مبناه على المماكسة والمضايقة لكونه معاوضة مال بمال والانسان يضايق بماله مالا يضايق بنفسه فهو الفرق والله عز وجل الموفق وإذا لم يصح الصلح لتفاحش جهالة البدل يسقط القصاص وتجب الدية وفي النكاح
(٤٨)