مضاربة على أن لي نصف الربح ولم يزد على هذا فالقياس أن تكون المضاربة فاسدة وهو قول الشافعي رحمه الله ولكنها جائزة استحسانا ويكون للمضارب النصف (وجه) القياس ان رب المال لم يجعل للمضارب شيئا معلوما من الربح وإنما سمى لنفسه النصف فقط وتسميته لنفسه لغو لعدم الحاجة إليها فكان ذكره والسكوت عنه بمنزلة واحدة وإنما الحاجة إلى التسمية في حق المضاربة ولم يوجد فلا تصح المضاربة (وجه) الاستحسان ان المضاربة تقتضي الشركة في الربح فكان تسمية أحد النصفين لنفسه تسمية الباقي للمضارب كأنه قال خذ هذا المال مضاربة على أن لك النصف كما في ميراث الأبوين في قوله سبحانه وتعالى فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث لما كان ميراث الميت لأبويه وقد جعل الله تعالى عز وجل للام منه الثلث كان ذلك جعل الباقي للأب كذا هذا ولو قال على أن لي نصف الربح ولك ثلثه ولم يزد على هذا فالثلث للمضارب والباقي لرب المال لما ذكرنا ان استحقاق المضارب الربح بالشرط واستحقاق رب المال لكونه من نماء ماله فإذا سلم المشروط للمضارب بالشرط يسلم المسكوت عنه وهو الباقي لرب المال لكونه من نماء ماله ولو قال رب المال على أن ما رزق الله عز وجل فهو بيننا جاز ذلك وكان الربح بينهما نصفين لان البين كلمة قسمة والقسمة تقتضي المساواة إذا لم يبين فيها مقدار معلوم قال الله تعالى عز شأنه ونبئهم أن الماء قسمة بينهم وقد فهم منها التساوي في الشرب قال الله سبحانه وتعالى هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم هذا إذا شرط جزء من الربح في عقد المضاربة لأحدهما اما المضارب واما رب المال وسكت عن الاخر فاما إذا شرط لهما ولغيرهما بان شرط فيه الثلث للمضارب والثلث لرب المال والثلث لثالث سواهما فإن كان الثالث أجنبيا أو كان ابن المضارب وشرط عليه العمل جاز وكان الربح بينهم أثلاثا وان لم يشرط عليه العمل لم يجز وما شرط له يكون لرب المال لان الربح لا يستحق في المضاربة من غير عمل ولا مال وصار المشروط له كالمسكوت عنه وإن كان الثالث عبد المضارب فإن كان عليه دين فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله ان شرط عمله لان المضارب لا يملك كسب عبده فكان كالأجنبي وان لم يشترط عمله فما شرطه فهو لرب المال لما ذكرنا في الأجنبي وعند أبي يوسف ومحمد المشروط له يكون للمضارب لان المولى يملك كسبه عندهما كما يملك لو لم يكن عليه دين وإن كان الثالث عبد رب المال فهو على هذا التفصيل أيضا انه إن كان عليه دين فان شرط عمله فهو كالا جنبي عند أبي حنيفة لان المولى لا يملك اكسابه وان لم يشترط عمله فما شرط له فهو لرب المال لما قلنا وعندهما ما شرط له فهو مشروط لمولاه عمل أولم يعمل لان المولى يملك كسب عبده كان عليه دين أولا فإن لم يكن على العبدين ففي عبد المضارب الثلثان للمضارب والثلث لرب المال لأنه إذا لم كن عليه دين فالملك يثبت للمولى فكان المشروط له مشروط طا للمولى وصار كأنه شرط للمضارب الثلثين وفي عبد رب المال الثلث للمضارب والثلثان لرب المال لان المشروط له يكون مشروطا لمولاه إذا لم يكن عليه دين فصار كأن رب المال شرط لنفسه الثلثين وعلى هذا قالوا لو شرط ثلث الربح للمضارب والثلث لقضاء دين المضارب والثلث لرب المال ان الثلثين للمضارب والثلث لرب المال وكذا لو شرط ثلث الربح للمضارب والثلث لرب المال والثلث لقضاء دين رب المال ان الثلثين لرب المال والثلث للمضارب لان المشروط لقضاء دين كل واحد منهما مشروط له (فصل) وأما شرائط الركن فبعضها يرجع إلى العاقدين وهما رب المال والمضارب وبعضها يرجع إلى رأس المال وبعضها يرجع إلى الربح (اما) الذي يرجع إلى العاقدين وهما رب المال والمضارب فأهلية التوكيل والوكالة لان المضارب يتصرف بأمر رب المال وهذا معنى التوكيل وقد ذكر شرائط أهلية التوكيل والوكالة في كتاب الوكالة ولا يشترط اسلامهما فتصح المضاربة بين أهل الذمة وبين المسلم والذمي والحربي المستأمن حتى لو دخل حربي دار الاسلام بأمان فدفع ماله إلى مسلم مضاربة أو دفع إليه مسلم ماله مضاربة فهو جائز لان المستأمن في دارنا بمنزلة الذمي والمضاربة مع الذمي مضاربة جائزة فكذلك مع الحربي المستأمن فإن كان المضارب هو المسلم فدخل دار الحرب بأمان فعمل بالمال فهو جائز لأنه دخل دار رب المال فلم يوجد بينهما اختلاف الدارين فصار كأنهما في دار واحدة وان
(٨١)