الولاية فان فيه تنفيذ القول على الغير وانه من باب الولاء وأما معنى التمليك فان الحاكم يملك الحكم بالشهادة فكان الشاهد ملكه الحكم والعبد لا ولاية له على غيره ولا يملك فلا شهادة له ولأنه لو كان له شهادة لكان يجب عليه الإجابة إذا دعى لأدائها للآية الكريمة ولا يجب لقيام حق المولى وكذا لا تقبل شهادة المدبر والمكاتب وأم الولد لأنهم عبيد وكذا معتق البعض عند أبي حنيفة وعندهما تقبل شهادته لأنه بمنزلة المكاتب عنده وعندهما بمنزلة حر عليه دين ومنها بصر الشاهد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله فلا تقبل شهادة الأعمى عندهما سواء كان بصيرا وقت التحمل أولا وعند أبي يوسف ليس بشرط حتى تقبل شهادته إذا كان بصيرا وقت التحمل وهذا إذا كان المدعى شيئا لا يحتاج إلى الإشارة إليه وقت الأداء فاما إذا كان شيئا يحتاج إلى الإشارة إليه وقت الأداء لا تقبل شهادته اجماعا وجه قوله أبى يوسف أن اشتراط البصر ليس لعينه بل لحصول العلم بالمشهود به ذا يحصل إذا كان بصيرا وقت التحمل وجه قولهما أنه لابد من معرفة المشهود له والإشارة إليه عند الشهادة فإذا كان أعمى عند الأداء لا يعرف المشهود له من غيره فلا يقدر على أداء الشهادة ومنها النطق فلا تقبل شهادة الأخرس لان مراعاة لفظة الشهادة شرط صحة أدائها ولا عبارة للأخرس أصلا فلا شهادة له ومنها العدالة لقبول الشهادة على الاطلاق فإنها لا تقبل على الاطلاق دونها لقوله تعالى ممن ترضون من الشهداء والشاهد المرضى هو الشاهد العدل والكلام في العدالة في مواضع في بيان ماهية العدالة انها ما هي في عرف الشرع وفي بيان صفة العدالة المشروطة وفي بيان انها شرط أصل القبول وجودا أم شرط القبول على الاطلاق وجودا ووجوبا أما الأول فقد اختلف عبارات مشايخنا رحمهم الله في ماهية العدالة المتعارفة قال بعضهم من لم يطعن عليه في بطن ولا فرج فهو عدل لان أكثر أنواع الفساد والشر يرجع إلى هذين العضوين وقال بعضهم من لم يعرف عليه جريمة في دينه فهو عدل وقال بعضهم من غلبت حسناته سيئاته فهو عدل وقد روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا رأيتم الرجل يعتاد الصلاة في المساجد فاشهدوا له بالايمان وروى من صلى إلى قبلتنا وأكل ذبيحتنا فاشهدوا له بالايمان وقال بعضهم من يجتنب الكبائر وأدى الفرائض وغلبت حسناته سيئاته فهو عدل وهو اختيار أستاذ أستاذي الامام فحر الدين على البزدوي رحمه الله تعالى واختلفت في ماهية الكبائر والصغائر قال بعضهم ما فيه حد في كتاب الله عز وجل فهو كبيرة وما لاحد فيه فهو صغيرة وهذا ليس بسديد فان شرب الخمر وأكل الربا كبيرتان ولاحد فيهما في كتاب الله تعالى وقال بعضهم ما يوجب الحد فهو كبيرة وما لا ويوجبه فهو صغيرة وهذا يبطل أيضا بأكل الربا فإنه كبيرة ولا يوجب الحد وكذا يبطل أيضا بأشياء أخر هي كبائر ولا توجب الحد نحو عقوق الوالدين والفرار من الزحف ونحوها وقال بعضهم كلما جاء مقرونا بوعيد فهو كبيرة نحو قتل النفس المحرمة وقذف المحصنات والزنا والربا وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف وهو مروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وقيل له ان عبد الله بن سيدنا عمر رضي الله عنهما قال الكبائر سبع فقال هي إلى سبعين أقرب ولكن لا كبيرة مع توبة ولا صغيرة مع اصرار وروى عن الحسن عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال ما تقولون في الزنا والسرقة وشرب الخمر قالوا الله ورسوله أعلم قال عليه الصلاة والسلام هن فواحش وفيهن عقوبة ثم قال عليه الصلاة والسلام ألا أنبئكم بأكبر الكبائر فقالوا بلى يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام الا شراك بالله وعقوق الوالدين وكان عليه الصلاة والسلام متكئا فجلس ثم قال الا وقول الزور الا وقول الزور الا وقول الزور فإذا عرفت تفسير العدالة في عرف الشرع فلا عدالة لشارب الخمر لان شربة كبيرة فتسقط به العدالة ومن مشايخنا من قال إذا كان الرجل صالحا في أموره تغلب حسناته سيئاته ولا يعرف بالكذب ولا بشئ من الكبائر غير أنه يشرب الخمر أحيانا لصحة البدن والتقوى لا للتلهي يكون عدلا وعامة مشايخنا على أنه لا يكون عدلا لان شرب الخمر كبيرة محضة وإن كان للتقوى ومن شرب النبيذ لا تسقط عدالته بنفس الشرب لان شربه للتقوى دون التلهي حلال وأما السكر منه فإن كان وقع منه مرة وهو لا يدري أو وقع سهو الا تسقط عدالته وإن كان يعتاد السكر منه تسقط
(٢٦٨)