* (كتاب الرهن) * الكلام في هذا الكتاب يقع في مواضع في بيان ركن عقد الرهن وفي بيان شرائط الركن وفي بيان حكم الرهن وفي بيان ما يخرج به الرهن عن كونه مرهونا وما يبطل به الركن ومالا يبطل وفي بيان حكم اختلاف الراهن والمرتهن والعدل أما ركن عقد الرهن فهو الايجاب والقبول وهو أن يقول الراهن رهنتك هذا الشئ بمالك علني من الدين أو يقول هذا الشئ رهن بدينك وما يجرى هذا المجرى ويقول المرتهن ارتهنت أو قبلت أو رضيت وما يجرى مجراه فأما لفظ الرهن فليس بشرط حتى لو اشترى شيئا بدراهم ودفع إلى البائع ثوبا وقال له امسك هذا الثوب حتى أعطيك الثمن فالثوب رهن لأنه أتى بمعنى العقد والعبرة في باب العقود للمعاني (فصل) وأما الشرائط فأنواع بعضها يرجع إلى نفس الرهن وبعضها يرجع إلى الراهن والمرتهن وبعضها يرجع إلى المرهون وبعضها يرجع إلى المرهون به (أما) الذي يرجع إلى نفس الرهن فهو أن لا يكون معلقا بشرط ولا مضافا إلى وقت لان في الرهن والارتهان معنى الايفاء والاستيفاء فيشبه البيع وانه لا يحتمل التعليق بشرط والإضافة إلى وقت كذا هذا (وأما) الذي يرجع إلى الراهن والمرتهن فعقلهما حتى لا يجوز الرهن والارتهان من المجنون والصبي الذي لا يعقل (فأما) البلوغ فليس بشرط وكذا الحرية حتى يجوز من الصبي المأذون والعبد المأذون لان ذلك من توابع التجارة فيملكه من يملك التجارة ولان الرهن والارتهان من باب ايفاء الدين واستيفائه وهما يملكان ذلك وكذا السفر ليس بشرط لجواز الرهن فيجوز الرهن في السفر والحضر جميعا لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقرض بالمدينة من يهودي طعاما ورهنه به درعه وكان ذلك رهنا في الحضر ولان ما شرع له الرهن وهو الحاجة إلى توثيق الدين يوجد في الحالين وهو الرهن عن تواء الحق بالجحود والانكار وتذكره عند السهو والنسيان والتنصيص على السفر في كتاب الله تعالى عز وجل ليس لتخصيص الجواز بل هو اخراج الكلام مخرج العادة كقوله تعالى فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا (وأما) الذي يرجع إلى المرهون فأنواع (منها) أن يكون محلا قابلا للبيع وهو أن يكون موجودا وقت العقد مالا مطلقا متقوما مملوكا معلوم ما مقدور التسليم ونحو ذلك فلا يجوز رهن ما ليس بموجود عند العقد ولا رهن ما يحتمل الوجود والعدم كما إذا رهن ما يثمر نخيله العام أو ما تلد أغنامه السنة أو ما في بطن هذه الجارية ونحو ذلك ولا رهن الميتة والدم لانعدام ماليتهما ولا رهن صيد الحرم والاحرام لأنه ميتة ولا رهن الحر لأنه ليس بمال أصلا ولا رهب أم الولد والمدبر المطلق والكاتب لأنهم أحرار من وجه فلا يكونون أموالا مطلقة ولا رهن بالخمر والخنزير من المسلم سواء كان العاقد ان مسلمين أو أحدهما مسلم لانعدام مالية الخمر والخنزير في حق المسلم وهذا لان الرهن ايفاء الدين والارتهان استيفاؤه ولا يجوز للمسلم ايفاء الدين من الخمر واستيفاؤه الا أن الراهن إذا كان ذميا كانت الخمر مضمونة على المسلم المرتهن لان الرهن إذا لم يصح كانت الخمر بمنزلة المغصوب في يد المسلم وخمر الذمي مضمون على المسلم بالغصب وإذا كان الراهن مسلما والمرتهن ذميا لا تكون مضمونة على أحد (وأما) في حق أهل الذمة فيجوز رهن الخمر والخنزير وارتها نهما منهم لان ذلك مال متقوم في حقهم بمنزلة الخل والشاة عندنا ولا رهن المباحات من الصيد والحطب والحشيش ونحوها لأنها ليست بمملوكة في أنفسها (فأما) كونه مملوكا للراهن فليس بشرط لجواز الرهن حتى يجوز رهن مال الغير بغير اذنه بولاية شرعية كالأب والوصي يرهن مال الصبي بدينه وبدين نفسه لان الرهن لا يخلو (اما) ان يجرى مجرى الايداع (واما) ان يجرى مجرى المبادلة والأب يلي كل واحد منهما في مال الصغير فإنه يبيع مال الصغير بدين نفسه ويودع مال الصغير فان هلك الرهن في يد المرتهن قبل أن يفتكه الأب هلك بالأقل من قيمته ومما رهن به لان الرهن وقع صحيحا وهذا حكم الرهن الصحيح وضمن الأب قدر ما سقط من الدين بهلاك الرهن لأنه قضى دين نفسه بمال ولده فيضمن فلو أدرك الولد والرهن قائم عند المرتهن فليس
(١٣٥)