تقبل شهادتهم عند عامة العلماء رضي الله عنهم وقال ابن أبي ليلى رحمه الله لاتقبل حتى يقولوا لا وارث له غيره لأنهم لو لم يقولوا لا وارث له غيره احتمل أن يكون لا وارث غيره لا يعلمونه والصحيح قول العامة لان الشاهد إنما تحل له الشهادة بما في علمه ونفى وارث آخر ليس في علمه فلا تحل له الشهادة به الا على اعتبار ما في علمه على ما ذكرنا ولو قالوا لا نعلم له وارثا غيره في هذا المصر أو في أرض كذا تقبل عند أبي حنيفة وعندهما لاتقبل (وجه) قولهما ان قولهما لا نعلم له وارثا غيره في هذا المصر لا ينفى وارثا غيره لجواز أن يكون له وارث آخر في مصر آخر ولأبي حنيفة رحمه الله انه لو كان له وارث آخر في موضع آخر لعلموه لان وارث الانسان لا يخفى على أهل بلده عادة فكان التخصيص والتعميم فيه سواء ثم إذا شهدوا انه وارثه لا وراث له غيره أو شهدوا انه وارثه لا نعلم له وارثا غيره أولا نعلم له وارثا غيره في هذا المصر على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه فإنه يدفع كل التركة إليه سواء كان الوارث ممن لا يحتمل الحجب كالابن والأب والام ونحوهم أو يحتمله كالأخ والأخت والجد ونحوهم لأنه تعين وارثا له فيدفع إليه جميع الميراث الا إذا كان زجا أو زوجة فلا يعطى الا أكثر نصيبه فلا يعطى الزوج الا النصف ولا تعطى المرأة الا الربع لأنهما لا يستحقان من الميراث أكثر من ذلك لأنه لا يرد عليهما وفى هذين الموضعين لا يؤخذ من الوارث كفيل بالاجماع وأما الوجه الثالث وهو ما إذا شهدوا انه وارثه ولم يقولوا لا وارث له غيره ولا قالوا الا نعلم له وارثا غيره فإنه ينظر إن كان ممن يحتمل الحجب لا يدفع إليه شئ لجواز أن يكون ثمة حاجب فإن كان لا يعطى وان لم يكن يعطى بالشك وإن كان ممن لا يحتمل الحجب يدفع إليه جميع المال الا الزوج والزوجة فإنه لا يدفع إليهما الا نصيبهما وهو أكثر النصيبين عند محمد رحمه الله للزوج النصف وللمرأة الربع وعند أبي يوسف رحمه الله أقل النصيبين للزوج الربع وللمرأة الثمن في ظاهر الرواية عنه (وجه) قول محمد رحمه الله ان النقصان عن أكثر النصيبين باعتبار المزاحمة وفى وجود المزاحم شك فلا يثبت النقصان بالشك ولأبي يوسف رحمه الله ان الأقل ثابت بيقين وفى الزيادة شك فلا تثبت الزيادة بالشك وروى عنه رواية أخرى أن للزوج الربع وللمرأة ربع الثمن لجواز أن يكون له أربع نسوة فيكون لها ربع الثمن لأنه ثابت بيقين وفى الزيادة شك وروى عنه أصحاب الاملا وللزوج الخمس والمرأة ربع التسع أما الزوج فلان من الجائز أن يكون للمرأة أبوان وبنتان وزوج أصل المسألة من اثنى عشر للأبوين السدسان أربعة وللبنتين الثلثان ثمانية وللزوج الربع ثلاثة فعالت بثلاثة أسهم فصارت الفريضة من خمسة عشر وثلاثة من خمسة عشر خمسها فذلك للزوج وأما المرأة فلان من الجائز أن يكون للميت أبوان وبنتان وزوجة أصل المرأة من أربعة وعشرين للأبوين السدسان ثمانية وللبنتين الثلثان ستة عشر وللزوجة الثمن ثلاثة فعالت بثلاثة أسهم فصارت الفريضة سبعة وعشرين وثلاثة من سبعة وعشرين نسعها ثم من الجائز أن يكون معها ثلاثة أخرى فيكن أربع زوجات فيكون لها ربع التسع وثلاثة على أربعة لا تستقيم فتضرب أربعة في تسعة ويكون ستة وثلاثين سهما تسعها أربعة فلها من ذلك سهم وهو ربع التسع وهو سهم من ستة وثلاثين سهما ثم في هذا الوجه الثالث إذا كان الوارث ممن لا يحتمل الحجب ودفع المال إليه هل يؤخذ منه كفيل قال أبو حنيفة عليه الرحمة لا يؤخذ وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يؤخذ (وجه) قولهما أن أخذ الكفيل لصيانة الحق والحاجة مست إلى الصيانة لاحتمال ظهور وارث آخر فيؤخذ الكفيل نظرا للوارث كما في رد الآبق واللقطة إلى صاحبها ولأبي حنيفة رحمه الله ان حق الحاضر لحال ثابت بيقين وفى ثبوت الحق لوارث آخر شك لأنه قد يظهر وارث آخر وقد لا يظهر فلا يجوز تعطيل الحق الثابت بيقين لحق مشكوك فيه مع ما ان المكفول له مجهول والكفالة للمجهول غير صحيحة وإنما أخذ الكفيل بتسليم الآبق واللقطة فقد قيل إنه قولهما لما ان في المسألة روايتان فاما عند أبي حنيفة رحمه الله فلا يؤخذ الكفيل على أنا سلمنا فتلك كفالة لمعلوم لا لمجهول لان الراد إنما يأخذ الكفيل لنفسه كيلا يلزمه الضمان فلم تكن كفالة لمجهول وذكر أبو حنيفة رحمه الله هذه المسألة في الجامع الصغير
(٢٧٦)