فدع ولا اعتماد على الخط والختم لان الخط يشبه الخط والختم يشبه الختم ويجرى فيه الاحتيال والتزوير مع ما أن الخط للتذكر فخط لا يذكر وجوده وعدمه بمنزلة واحدة وعلى هذا الخلاف إذا وجد القاضي في ديوانه شيئا لا يذكره وديوانه تحت ختمه أنه لا يعمل به عنده وعندهما يعمل إذا كان تحت ختمه وعلى هذا الخلاف إذا عزل القاضي ثم استقضى بعد ما عزل فأراد أن يعمل بشئ مما يرى في ديوانه الأول ولم يذكر ذلك ليس له ذلك عنده وعندهما له ذلك والله تعالى أعلم (وأما) الشرائط التي ترجع إلى نفس الشهادة فأنواع منها لفظ الشهادة فلا تقبل بغيرها من الألفاظ كلفظ الاخبار والاعلام ونحوهما وإن كان يؤدى معنى الشهادة تعبدا غير معقول المعنى ومنها أن تكون موافقة للدعوى فيما يشترط فيه الدعوى فان خالفتها لا تقبل الا إذا وفق المدعى بين الدعوى وبين الشهادة عند امكان التوفيق لان الشهادة إذا خالفت الدعوى فيما يشترط فيه الدعوى وتعذر التوفيق انفردت عن الدعوى والشهادة المنفردة عن الدعوى فيما يشترط فيه الدعوى غير مقبولة وبيان ذلك في مسائل إذا ادعى ملكا بسبب ثم أقام البينة على ملك مطلق لا تقبل وبمثله لو ادعى ملكا مطلقا ثم أقام البينة على الملك بسبب تقبل (ووجه) الفرق ان الملك المطلق أعم من الملك بسبب لأنه يظهر من الأصل حتى تستحق به الزوائد والملك بسبب يقتصر على وقت وجود السبب فكان الملك المطلق أعلم فصار المدعى بإقامة البينة على الملك المطلق مكذبا شهوده في بعض ما شهدوا به والتوفيق متعذر لان الملك من الأصل ينافي الملك الحادث بسبب لاستحالة ثبوتهما معا في محل واحد بخلاف ما إذا ادعى الملك المطلق ثم أقام البينة على الملك بسبب لان الملك بسبب أخص من الملك المطلق على ما بينا فقد شهدوا بأقل مما ادعى فلم يصر المدعى مكذبا باشهوده بل صدقهم فيما شهدوا به وادعى زيادة شئ لا شهادة لهم عليه وصار كما لو ادعى ألفا وخمسمائة فشهد الشهود على الف انه تقبل البينة على الألف لما قلنا كذا هذا ولو ادعى الملك بسبب معين ثم أقام البينة على الملك بسبب آخر بان ادعى دارا في يد رجل انه ورثها من أبيه ثم أقام البينة على الملك انه اشتراها من صاحب اليد أو وهبا له أو تصدق بها عليه وقبض أو ادعى الشراء أو الهبة أو الصدقة ثم أقام البينة على الإرث لا تقبل بينته لان الشهادة خالفت الدعوى لاختلاف البينتين صورة ومعنى أما الصورة فلا شك فيها وأما المعنى فلان حكم البينتين يختلف فلا يقبل الا إذا وفق بين الدعوى والشهادة فقال كنت اشتريت منه لكنه جحدني الشراء وعجزت عن اثباته فاستوهبت منه فوهب منى وقبضت وأعاد البينة تقبل لأنه إذا وفق فقد زالت المخالفة وظهر انه لم يكذب شهوده ويصير هذا في الحقيقة ابتداء ولهذا يجب عليه إعادة البينة لتقع الشهادة عند الدعوى وكذا إذا وفق فقال ورثته من أبى الا انه جحد ارثي فاشتريت منه أو وهب لي فإنها تقبل لزوال التناقض والاختلاف بين الدعوى والشهادة ولو ادعى الشراء بعد هذا وأقام البينة على الشراء بألف درهم لا تقبل لان البدل قد اختلف واختلاف البدل يوجب اختلاف العقد فقد قامت البينة على عقد آخر غير ما ادعاه المدعى فلا تقبل الا إذا وفق المدعى فقال اشتريت بالعبد الا انه جحدني الشراء به فاشتريته بعد ذلك بألف درهم فتقبل لزوال المخالفة وهذا إذا كان دعوى التوفيق في مجلس آخر بان قام عن مجلس الحكم ثم جاء وادعى التوفيق فاما إذا لم يقم عن مجلس الحكم فدعوى التوفيق غير مسموعة ولو ادعى انه لم ثم أقام البينة على أنه لفلان وكله بالخصومة فيه تقبل بينته وبمثله لو ادعى انه لفلان وكلني بالخصومة فيه ثم أقام البينة على أن ه له لا تقبل ووجه الفرق انه قوله أولا انه لي لا ينفى قوله إنه لفلان وكلني بالخصومة فيه لجواز أن يكون له بحق الخصومة والمطالبة ولغيره بحق الملك فكان التوفيق ممكنا فقبلت البينة بخلاف الفصل الثاني لان قوله هو لفلان وكلني بالخصومة فيه ينفى قوله بعد ذلك هو لي لأنه صرح بان الملك فيه لفلان انه وكيل بالخصومة فيه بقوله إن ه لفلان وكلني بالخصومة فيه فكان قوله بعد ذلك هو لي اقرارا منه بالملك لنفسه فكان مناقضا فلا تقبل ولو ادعى انه لفلان وكلني بالخصومة فيه ثم أقام البينة على أنه لفلان آخر وكلني بالخصومة فيه لا تقبل لان قوله أولا انه لفلان
(٢٧٣)