اشتر لي دارا لا يصح لان بين الدار والدار تفاوتا فاحشا فان عين الدار يجوز وان لم يعين ولكنه بين الثمن جاز أيضا ويقع على دور المصر الذي وقع فيه الوكيل لان الجهالة تقل بعد بيان الثمن وروى عن أبي يوسف انه لا يصح التوكيل بعد بيان الثمن حق يعين مصرا من الأمصار ولو قال اشتر لي دار في موضوع كذا أو حبة لؤلؤ أو فص ياقوت أحمر ولم يسم الثمن لا يجوز لان التفاوت متفاحش والصفة لا تصير معلومة بحال الموكل فلا بد من بيان الثمن وإن كان اسم ما وقع التوكيل بشرائه لا يقع الا على نوع واحد يكتفى فيه بذكر أحد أمرين اما الصفة بأن قال اشتر لي عبدا تركيا أو مقدار الثمن بأن قال اشتر لي عبدا بألف درهم لان الجهالة نقل بذكر أحدهما وبحال الموكل لان الصفة تصير معلومة بذكر الثمن وان لم يذكرها وإذا ذكر الصفة يصير الثمن معلوما بحال الآمر فما يشتريه أمثاله عادة حتى أنه لو خرج المشترى عن عادة أمثاله لا يلزم الموكل كذا روى عن أبي يوسف فيمن قال اشتر لي خادما من جنس كذا ان ذلك يقع على ما يتعامله الناس من ذلك الجنس فإن كان الثمن كثير الا يتعامل الناس به لم يجز على الآمر وكذا البدوي إذا قال اشتر لي خادما حبشيا فهو على ما يعتاده أهل البادية وهذا كله اعتبار حال الموكل فإن لم يذكر أحد ما أصلا فالوكالة باطلة لان الجهالة فحشت بترك ذكر هما جميعا فمنعت صحة الوكالة ولو قال اشتر لي حمارا أو بغلا أو فرسا أو بعيرا ولم يذكر له صفة ولا ثمنا قالوا إنه يجوز لان النوع صار معلوما بذكر الحمار والبغل والفرس والبعير والصفة تصير معلومة بحال الموكل وكذا الثمن فينظر ان اشترى حمارا بمثل قيمته أو بأقل أو بأكثر قدر ما يتغابن الناس في مثله جاز على الموكل إذا كان الحمار مما يشترى مثله الموكل وإن كان مما لا يشترى مثله الموكل لا يجوز على الموكل ويلزم الوكيل وان اشتراه بمثل قيمته نحو أن يكون الموكل مكار يا فاشترى الوكيل حمارا مصريا يصلح للركوب لان مثله يشترى الحمار للعمل والحمل لا للركوب ولو قال اشتر لي شاة أو بقرة ولم يذكر صفة ولا ثمنا لا يجوز لان الشاة والبقرة لا تصير معلومة الصفة بحال الموكل ولا بد وأن يكون أحدهما معلوما لما بينا ولو قال اشتر لي حنطة لا يصح التوكيل ما لم يذكر أحد شيئين اما قدر الثمن واما قدر المثمن وهو المكيل لان الجهالة لا تقل الا بذكر أحدهما وعلى هذا جميع المقدرات من المكيلات والموزونات ولو وكله ليشترى له طيلسانا لا يصح الابعد بيان الثمن والنوع لان الجهالة لا تقل الابعد بيان أحدهما والله عز وجل أعلم (فصل) وأما بيان حكم التوكيل فنقول وبالله التوفيق حكم التوكيل صيرورة المضاف إليه وكيلا لان التوكيل اثبات الوكالة وللوكالة أحكام (منها) ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل فيحتاج إلى بيان ما يملكه الوكيل من التصرف بموجب التوكيل بعد صحته ومالا يملكه فنقول وبالله التوفيق الوكيل بالخصومة يملك الاقرار على موكله في الجملة عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر والشافعي رحمهما الله لا يملك والأب والوصي وأمين القاضي لا يملك الاقرار على الصغير بالاجماع (وجه) قولهما ان الوكيل بالخصومة وكيل بالمنازعة والاقرار مسالمة فلا يتناوله التوكيل بالخصومة فلا يملكه الوكيل (ولنا) ان التوكيل بالخصومة وكيل بالجواب الذي هو حق عند الله عز وجل وقد يكون ذلك انكارا وقد يكون اقرارا فإذا أقر على موكله دل ان الحق هو الاقرار فينفذ على الموكل كما إذا أقر على موكله وصدقه الموكل ثم اختلف أصحابنا الثلاثة فيما بينهم قال أبو حنيفة ومحمد يصح اقراره في مجلس القاضي لا في غيره وقال أبو يوسف يصح فيه وفي غيره (وجه) قوله إن التوكيل تفويض ما يملكه الموكل إلى غيره واقرار الموكل لا تقف صحته على مجلس القاضي فكذا اقرار الوكيل ولهما انه فوض الامر إليه لكن في مجلس القاضي لان التوكيل بالخصومة أو بجواب الخصومة وكل ذلك يختص بمجلس القاضي ألا ترى ان الجواب لا يلزم في غير مجلس القاضي وكذا الخصومة لا تندفع باليمين في غير مجلس القاضي فتتقيد بمجلس القاضي ألا أنه إذا أقر في غير مجلس القاضي يخرج عن الوكالة وينعزل لأنه لو بقي وكيلا لبقي وكيلا بالاقرار عينا لان الانكار لا يسمع منه للتناقض والاقرار عينا غير موكل به والوكيل بالخصومة في مال إذا اقضي القاضي به يملك قبضه عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا يملك (وجه) قوله إن
(٢٤)