فيحتمل أن يكون معنى قوله عليه الصلاة والسلام لا يغلق الرهن أي لا يهلك إذا الغلق يستعمل في الهلاك كذا قال بعض أهل اللغة وعلى هذا كان الحديث حجة عليه لأنه يذهب بالدين فلا يكون هالكا معنى وقيل معناه أي لا يستحقه المرتهن ولا يملكه عند امتناع الراهن عن قضاء الدين وهذا كان حكما جاهليا جاء الاسلام فابطله وقوله عليه الصلاة والسلام عليه غرمه أي نفقته وكنفه ونحن به نقول أنه وثيقة قلنا معنى التوثيق في الرهن هو التوصل إليه في أقرب الأوقات لأنه كان للمرتهن ولاية مطالبة الراهن بقضاء الدين مق مطلق ماله وبعد الرعن حدثت له ولاية المطالبة بالقضاء من ماله المعين وهو الرهن بواسطة البيع فازداد طريق الوصول إلى حقه فحصل معنى التوثيق (فصل) (وأما) شرائط كونه مضمونا عند الهلاك فأنواع منها قيام الدين حتى لو سقط الدين من غير عوض ثم هلك الرهن في يد المرتهن هلك أمانة وعلى هذا يخرج ما إذ أبرأ المرتهن الراهن عن الدين ثم هلك الرهن في يد المرتهن أنه يهلك بغير شئ ولا ضمان على المرتهن فيه إذا لم يوجد منه منع الرهن عند طلبه استحسانا والقياس أن يضمن وهو قول زفر ولو استوفى دينه ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين وعليه بدل ما استوفى وزفر سوى بين الابراء والاستيفاء ونحن نفرق بينهما (وجه) القياس أن قبض الرهن قبض استيفاء ويتقرر ذلك الاستيفاء عند الهلاك فيصير كأنه استوفى الدين ثم أبرأ عنه ثم هلك الرهن ولو كان كذلك يضمن كذا هذا ولان المرهون لما صار مضمونا بالقبض يبقى الضمان ما بقي القبض وقد بقي لانعدام ما ينقضه وجه الاستحسان أن كون المرهون مضمونا بالدين يستدعى قيام الدين لأن الضمان هو ضمان الدين وقد سقط بالابراء فاستحال أن يبقى مضمونا به وقد خرج الجواب عن قوله إن الاستيفاء يتقرر عند الهلاك لأنا نقول نعم إذا كان الدين قائما فإذا اسقط بالابراء لا يتصور الاستيفاء وهذا بخلاف ما إذا استوفى الدين ثم هلك الرهن في يد المرتهن لان قبض الرهن قائم والضمان متعلق به فيبقى ما بقي القبض ما لم يوجد المسقط والاستيفاء لا يسقط الضمان بل يقرره لان المستوفى يصير مضمونا على المرتهن بخلاف الابراء لأنه مسقط لان الابراء اسقاط فلا يبقى الضمان فهو الفرق هذا إذا لم يوجد من المرتهن منع الرهن من الراهن بعد طلبه فان وجد ثم هلك الرهن في يده ضمن كل قيمته لأنه صار غاصبا بالمنع والمغصوب مضمون بكل القيمة وعلى هذا يخرج ما إذا أخذت المرأة بصداقها رهنا ثم طلقها الزوج قبل الدخول ثم هلك الرهن في يدها أنه لا ضمان عليها في نصف الصداق الذي سقط بالطلاق لأنها لم تصر مستوفية لذلك النصف عند هلاك الرهن لسقوطه بالطلاق فلم يبق القبض مضمونا وكذلك لو أخذت بالصداق رهنا ثم ارتدت قبل الدخول بها حتى سقط الصداق ثم هلك الرهن في يدها لا ضمان عليها لان الصداق لما سقط بالردة لم يبق القبض مضمونا فصار كما لو أبرأته عن الصداق ثم هلك الرهن في يدها ولو لم يكن المهر مسمى حتى وجب مهر المثل فأخذت بمهر المثل رهنا ثم طلقها قبل الدخول بها حتى وجبت عليه المتعة لم يكن له أن يحبس الرهن بالمتعة ولو هلك في يدها ولم يوجد منهما منع يهلك بغير شئ والمتعة باقية على الزوج وهذا قول أبى يوسف وقال محمد لها حق الحبس بالمتعة ولقب المسألة أن الرهن بمهر المثل هل يكون رهنا بالمتعة عند أبي يوسف لأن يكون وعند محمد يكون ولم يذكر قول أبي حنيفة في الأصل وذكر الكرخي رحمه الله قوله مع قول أبى يوسف وجه قول محمد أن الرهن بالشئ رهن ببدله في الشرع لان بدل الشئ يقوم مقامه كأنه هو لهذا كان الرهن بالمغصوب رهنا بقيمته عند هلاكه والرهن بالمسلم فيه رهنا برأس المال عند الإقالة والمتعة بدل عن نصف المهر لأنه يجب بالسبب الذي يجب به مهر المثل وهو النكاح عند عدمه وهذا حد البدل في أصل الشيوع ولأبي يوسف أن المتعة وجبت أصلا بنفسها لا بدلا عن مهر المثل والسبب انعقد لوجوبها ابتداء كما أن العقد لوجوب مهر المثل بالطلاق زال في حق أحد الحكمين وبقى في حق الحكم الآخر الا أنه لا يعمل فيه الابعد الطلاق فكان الطلاق شرط عمل السبب وهذا لا يدل على كونها بدلا كما في سائر الأسباب المعلقة بالشروط ولو أسلم في طعام وأخذ به رهنا ثم تفاسخا العقد كان له أن يحبس الرهن برأس المال لان رأس المال بدل عن المسلم فيه فان هلك الرهن في يده يهلك بالطعام لان
(١٥٥)