قولهما أن الابتداء باليمين من المشترى كما في بيع العين ورب السلم هو المشترى فكانت البداية به ولأبي حنيفة رحمه الله أن اليمين على المنكر والمنكر هو المسلم إليه ولا انكار مع رب السلم فكان ينبغي أن لا يحلف أصلا الا أن التحليف في جانبه ثبت بالنص وقد روى عن أبي يوسف أيضا أنه قال أيهما بدأ بالدعوى يستحلف الآخر لأنه صار مدعى عليه وهو منكر وقال بعضهم التعيين إلى القاضي يبدأ بأيهما شاء وان شاء أقرع بينهما فيبدأ بالذي خرجت قرعته ولو اختلفا في مكان ايفاء المسلم فيه فقال رب السلم شرطت عليك الايفاء في مكان كذا وقال المسلم إليه بل شرطت لك الايفاء في مكان كذا فالقول قول المسلم إليه ولا يتحالفان عند أبي حنيفة وعندهما يتحالفان بناء على أن مكان العقد لا يتعين مكان الايفاء عنده حتى كان ترك بيان مكان الايفاء مفسدا للسلم عنده فلم يدخل مكان الايفاء في العقد بنفسه بل بالشرط والاختلاف فيما لا يدخل في العقد الا بالشرط لا يوجب التحالف كالأجل وعندهما مكان العقد يتعين مكانا للايفاء حتى لا يفسد السلم بترك بيان مكان الايقاء عندهما فكان المكان داخلا في العقد من غير شرط فيوجب التحالف وان اختلفا في وقت المسلم فيه وهو الأجل فنقول لا يخلوا (أما) ان اختلفا في أصل الأجل (وأما) ان اختلفا في قدره (وأما) ان اختلفا في مضيه (واما) ان اختلفا في قدره ومضيه جميعا فان اختلفا في أصل الأجل لم يتحالفا عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر تحالفا وترادا واحتج باطلاق قوله عليه الصلاة والسلام إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادا ولان الاختلاف في أصل المسلم فيه كالاختلاف في صفته ألا ترى انه لا صحة للسلم بدون الأجل كما لا صحة له بدون الوصف فصار الأجل وصفا للمعقود عليه شرعا فيوجب التحالف (ولنا) ان الأجل ليس بمعقود عليه والاختلاف فيما ليس بمعقود عليه لا يوجب التحالف بخلاف الاختلاف في الصفة لان الصفة في الدين معقود عليه كالأجل والاختلاف في الأجل يوجب التحالف فكذا في الصفة وإذا لم يتحالفا فإن كان مدعى الأجل هو رب السلم فالقول قوله ويجوز السلم لأنه يدعى صحة العقد والمسلم إليه يدعى الفساد والقول قول مدعى الصحة ولان المسلم إليه متعنت في إنكار الأجل لأنه ينفعه والمتعنت لا قول له وإن كان هو المسلم إليه فالقول قوله عند أبي حنيفة ويجوز السلم استحسانا والقياس أن يكون القول قول رب السلم ويفسد السلم وهو قولهما (وجه) القياس ان الأجل أمر يستفاد من قبل رب السلم حقا عليه شرعا وانه منكر ثبوته والقول قول المنكر في الشرع (وجه) الاستحسان ان المسلم إليه بدعوى الأجل يدعى صحة العقد ورب المسلم بالانكار يدعى فساده فكان القول قول من يدعى الصحة لأن الظاهر شاهد له إذ الظاهر من حال المسلم اجتناب المعصية ومباشرة العقد الفاسد معصية وإذا كان القول قوله من أصل الأجل كان القول قوله في مقدار الأجل أيضا وقال بعضهم القول قوله إلى شهر لأنه أدنى الآجال فأما الزيادة على شهر فلا تثبت الا بالبينة وان اختلفا في قدره لم يتحالفا عندنا خلافا لزفر والقول قول رب السلم لما ذكرنا ان الأجل أمر يستفاد من قبله فيرجع في بيان القدر إليه وان اختلفا في مضيه فالقول قول المسلم إليه وصورته إذا قال رب السلم كان الأجل شهرا وقد مضى وقال المسلم إليه كان شهرا ولم يمض وان أخذت السلم الساعة كان القول قول المسلم إليه لأنهما لما تصادقا على أصل الأجل وقدره فقد صار الأجل حقا للمسلم إليه فكان القول في المضي قوله وان اختلفا في قدره ومضيه جمعيا فالقول قول رب السلم في القدر وقول المسلم إليه في المعنى لأن الظاهر يشهد لرب السلم في القدر وللمسلم إليه في المضي هذا إذا اختلفا في المسلم فيه مع اتفاقهما على رأس المال فأما إذا اختلفا في رأس المال مع اتفاقهما في المسلم فيه تحالفا وترادا أيضا سواء اختلفا في جنس رأس المال أو قدره أو صفته لما قلنا في الاختلاف في المسلم فيه الا أن الذي يبدأ باليمين ههنا هو رب السلم في قولهم جميعا لأنه المشترى وهو المنكر أيضا وان اختلفا فيهما جمعا فكذلك تحالفا وترادا لأنهما اختلفا في المبيع والثمن والاختلاف في أحدهما يوجب التحالف ففيها أولى والقاضي يبدأ باليمين بأيهما شاء والله سبحانه وتعالى أعلم (فصل) وأما بيان حكم الملك والحق الثابت في المحل فنقول وبالله التوفيق حكم الملك ولاية التصرف للمالك في
(٢٦٣)