وشاركنا قريشا في بقاها * وفى احسابها شرك العنان (وأما) المفاوضة فقد قيل إنها المساواة في اللغة قال القائل وهو العبدي يهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت * فان تولت فبالأشرار تنقاد لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا سمى هذا النوع من الشركة مفاوضة لاعتبار المساواة فيه في رأس المال والربح والتصرف وغير ذلك على ما نذكر وقيل هي من التفويض لان كل واحد منهما يفوض التصرف إلى صاحبه على كل حال (وأما) الكلام في شركة الاعمال الوجوه (فوجه) قول الشافعي رحمه الله ان الشركة تنبئ عن الاختلاط وهذا شرط الخلط الجواز الشركة ولا يقع الاختلاط الا في الأموال وكذا ما وضع له الشركة لا يتحقق في هذين النوعين لأنها وضعت لاستنماء المال بالتجارة لان نماء المال بالتجارة والناس في الاهتداء إلى التجارة مختلفون بعضهم أهدى من البعض فشرعت الشركة لتحصيل غرض الاستنماء ولا بد من أصل يستنمى ولم يوجد في هذين النوعين فلا يحصل ما وضع له الشركة فلا يجوز (ولنا) ان الناس يتعاملون بهذين النوعين في سائر الأعصار من غير إنكار عليهم من أحد وقال عليه الصلاة السلام لا تجتمع أمتي على ضلالة ولأنهما يشتملان على الوكالة والوكالة جائزة والمشتمل على الجائز جائز وقوله إن الشركة شرعت لاستنماء المال فيستدعى أصلا يستنمى فنقول الشركة بالأموال شرعت لتنمية المال وأما الشركة بالأعمال أو بالوجوه فما شرعت لتنمية المال بل لتحصيل أصل المال والحاجة إلى تحصيل أصل المال فوق الحاجة إلى تنميته فلما شرعت لتحصيل الوصف فلان تشرع لتحصيل الأصل أولى (وأما) الكلام في الشركة بالأموال فأما العنان فجائز باجماع فقهاء الأمصار ولتعامل الناس ذلك في كل عصر من غير نكير وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ولما روى أن أسامة بن شريك جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتعرفني فقال عليه الصلاة والسلام وكيف لا أعرفك وكنت شريكي ونعم الشريك لا تدارى ولا تمارى وأدنى ما يستدل بفعله عليه الصلاة والسلام الجواز وكذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بهذه الشركة فقررهم على ذلك حيث لم ينههم ولم ينكر عليهم والتقرير أحد وجوه السنة ولأن هذه العقود شرعت لمصالح العباد وحاجتهم إلى استنماء المال متحققة وهذا النوع طريق صالح للاستنماء فكان مشروعا ولأنه يشتمل على الوكالة والوكالة جائزة اجماعا (وأما) المفاوضة (فأما) قول مالك رحمه الله لا أعرف ما المفاوضة فان عنى به لا أعرف معناها في اللغة فقد بينا معناها في اللغة انها عبارة عن المساواة وان عنى به لا أعرف جوازها فقد عرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الجواز بقوله عليه الصلاة والسلام تفاوضوا فإنه أعظم للبركة وانها مشتملة على أمرين جائزين وهما الوكالة والكفالة لان كل واحد منهما جائزة حال الانفراد وكذا حالة الاجتماع كالعنان ولأنها طريق استنماء المال أو تحصيله والحاجة إلى ذلك متحققة فكانت جائزة كالعنان (وأما) الكلام مع الشافعي رحمه الله فوجه قوله أن المفاوضة تتضمن الكفالة عندكم والكفالة التي تتضمنها المفاوضة كفالة بمجهول وانها غير صحيحة حالة الانفراد فكذا التي تتضمنها المفاوضة ودليلنا على الجواز ما ذكرنا مع مالك رحمه الله (وأما) قوله المكفول له مجهول نعم لكن هذا النوع من الجهالة في عقد الشركة عفو وان لم يكن عفوا حالة الانفراد كما في شركة العنان فإنها تشتمل على الوكالة العامة وإن كان لا يصح هذا التوكيل حالة الانفراد وكذا المضاربة تتضمن وكالة عامة وانها صحيحة وإن كانت الوكالة العامة لا تصح من غير بيان حالة الانفراد فكذا هذا وكان المعنى في ذلك الوكالة لا تثبت في هذا العقد مقصودا بل ضمنا للشركة وقد يثبت الشئ ضمنا وإن كان لا يثبت قصدا ويشترط للثابت مقصود اما لا يشترط للثابت ضمنا وتبعا كعزل الوكيل ونحو ذلك (فصل) وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع فلجوازها شرائط بعضها يعم الأنواع كلها وبعضها يخص البعض دون البعض (أما) الشرائط العامة فأنواع (منها) أهلية الوكالة لان الوكالة لازمة في الكل وهي أن يصير كل واحد
(٥٨)