يد انسان ادعى صاحب اليد أنه ابنه ولدته أمته هذه في ملكه وأقام البينة على ذلك وادعى خارج أن الغلام ابنه ولدته الأمة في ملكه وأقام البينة فإن كان الغلام صغيرا لا يتكلم يقضى به لصاحب اليد لاستوائهما في البينة فيرجع صاحب اليد باليد كما في النكاح وإن كان كبيرا يتكلم فقال أنا ابن الآخر يقضى بالأمة والغلام للخارج لان الغلام إذا كان كبيرا يتكلم في يد نفسه فالبينة التي يدعيها الغلام أولى وكذلك لو كان الغلام ولد حرة وهما في يد رجل فأقام صاحب اليد البينة على أنه ولد على فراشه والغلام يتكلم ويدعى ذلك وأقام الخارج البينة على ملكه يقضى بالمرأة وبالولد للذي هما في يده لما قلنا وإن كان الذي في يده من أهل الذمة والمرأة ذمية وأقام شهودا مسلمين يقضى بالمرأة والولد للذي هما في يده لان شهادة المسلمين حجة مطلقة ولو أقام الخارج البينة على أنه تتزوجها في وقت كذا وأقام الذي في يده البينة على وقت دونه يقضى للخارج لأنه إذا ثبت سبق أحد النكاحين كان المتأخر منهما فاسدا فالبينة القائمة على النكاح الصحيح أقوى فكانت أولى وعلى هذا غلام قد احتلم ادعى انه ابن فلان ولدته أمته فلانة على فراشه وذلك الرجل يقول هو عبدي ولد أمتي التي زوجتها عبدي فلانا فولدت هذا الغلام منه والعبد حي يدعى ذلك فهو ابن العبد لأنه تعارض الفراشان فراش النكاح وفراش الملك وفراش النكاح أقوى لأنه لا ينتفى الا باللعان وفراش الملك ينتفى بمجرد النفي فكان فراش النكاح أقوى فكان أولى ولو ادعى الغلام انه ابن العبد من هذه الأمة فأقر العبد بذلك وقامت عليه البينة وادعى المولى انه ابنه فهو ابن العبد لما قلنا ويعتق لأنه ادعى نسبه والاقرار بالنسب يتضمن الاقرار بالحرية فإن لم يعمل في النسب يعمل في الحرية وكذلك لو مات الرجل وترك مالا فأقام الغلام البينة انه ابن الميت من أمته وأقام الآخر البينة انه عبده ولدته أمته من زوجها فلان والزوج عبده أيضا والعبد حي يدعى ذلك يقضى له بالنسب لأنه يدعى فراش النكاح وانه أقوى فإن كان العبد ميتا ثبت نسب الغلام من الحر وورث منه لان بينة الغلام خلت عن المعارض لانعدام الدعوة من العبد فيجب العمل بها والله سبحانه وتعالى أعلم (فصل) وأما صفة النسب الثابت فالنسب في جانب النساء إذا ثبت يلزم حتى لا يحتمل النفي أصلا لأنه في جانبهن يثبت بالولادة ولا مرد لها (وأما) في جانب الرجال فنوعان نوع يحتمل النفي ونوع لا يحتمله أما ما يحتمل النفي فنوعان (نوع) ينتفى بنفس النفي من غير لعان ونوع لا ينتفى بنفس النفي بل بواسطة اللعان (أما الذي) ينتفى بنفس النفي فهو نسب ولد أم الولد لان فراش أم الولد ضعيف لأنه غير لازم حتى احتمل النقل إلى غيره بالتزويج فاحتمل الانتفاء بنفس النفي من غير الحاجة إلى اللعان (وأما) الذي لا ينتفي بمجرد النفي فهو نسب ولد زوجة يجرى بينهما اللعان وهو أن يكون الزوجان حرين مسلمين عاقلين بالغين غير محدودين في القذف على ما ذكرنا في كتاب اللعان لان فراش النكاح لازم لا يحتمل النقل فكان قويا فلا يحتمل الانتفاء بنفس النفي ما لم ينضم إليه اللعان ولهذا إذا كان العلوق بنكاح فاسد أو شبهة نكاح لا ينتفى نسب الولد بالنفي لان الانتفاء بواسطة اللعان ولا لعان في النكاح الفاسد لانعدام الزوجية حقيقة لما علم في كتاب اللعان والله تعالى أعلم (وأما الذي) لا يحتمل النفي فهو نسب ولد زوجة لا يجرى بينهما اللعان فإذا كان الزوجان ممن لا لعان بينهما لا ينتفى نسب الولد بالنفي وكذا النسب بعد الاقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون انكارا بعد الاقرار فلا يسمع الا ان الاقرار نوعان نص ودلالة لما ذكرنا في كتاب اللعان (فصل) وأما حكم تعارض الدعوتين لا غير أما حكمه في النسب فقد مر ذكره في أثناء مسائل النسب وأما حكمه في الملك فالكلام فيه في موضعين (أحدهما) في حكم تعارض الدعوتين في أصل الملك والثاني في قدر الملك أما الأول فسبيل تعارض الدعوتين في أصل الملك ما هو سبيل تعارض البينتين فيه من طلب الترجيح والعمل بالراجح عند الامكان وعند تعذر العمل بهما بقدر الامكان تصحيحا للدعوتين بالقدر الممكن وبيان ذلك في مسائل رجلان ادعيا دابة أحدهما راكبها والآخر متعلق بلجامها فهي للراكب لأنه مستعمل للدابة فكانت في يده (وكذلك) إذا
(٢٥٥)