على نفس الصغير بالاحياء وتحصيل التشفي قال الله تعالى عز شأنه ولكم في القصاص حياة وكذا منفعة التشفي راجعة إلى نفسه وللأب ولاية على نفس الصغير ولا ولاية للوصي عليها ولهذا ملك انكاحه دون الوصي الا أنه يملك القصاص فيها دون النفس لان ما دون النفس يسلك به مسلك الأموال لشبهة الأموال ألا ترى ان القصاص لا يجرى بين طرف الحر والعبد ولا بين طرف الذكر والأنثى مع جريان القصاص بينهم في الأنفس ويستوفى القصاص فيما دون النفس في الحر كما يستوفى في سائر الحقوق المالية فيه ولا يستوفى القصاص في النفس فيه ويقضى بالنكول في الأطراف كما يقضى به في الأموال عند أبي حنيفة ولا يقضى به في الأنفس وله ولاية التصرف في الحال والمال فيلي التصرف فيما دون النفس ويملك الأب الصلح عن القصاص في النفس وما دونه لأنه لما ملك الاستيفاء فلان يملك الصلح أولى لأنه أنفع من الاستيفاء وكذا الوصي يملك الصلح عن القصاص فيما دون النفس لأنه يملك الاستيفاء فيما دون النفس فكذا الصلح عنه لأنه أنفع وهل يملك الصلح عن القصاص في النفس ذكر في كتاب الصلح انه لا يملك وذكر في الجامع الصغير أنه يملك وكذا روى القدوري رحمه الله فعلى رواية الجامع يحتاج إلى الفرق بين الاستيفاء وبين الصلح (ووجه) الفرق بينهما ظاهر لما ذكرنا أن القصاص تصرف في النفس بتحصيل الحياة والتشفي ولا ولاية له على نفسه فلا يملك الاستيفاء فأما الصلح فتصرف في المال وله ولاية التصرف في المال وانه فرق واضح (وجه) رواية الصلح أن الصلح اعتياض عن القصاص فإذا لم يملك القصاص فكيف يملك الاعتياض عنه ولو صالح الأب أو الوصي على أقل من الدية في الخطأ وشبه العمد لا يجوز لان الحط تبرع وهما لا يملكان التبرع بمال اليتيم والحط القليل والكثير سواء بخلاف الغبن اليسير في البيع انهما يملكانه والفرق أن الحط نقصان متحقق لان الدية مقدرة بمقدار معلوم فالنقصان عنه متحقق وان قل والنقصان في البيع غير متحقق لان العوض فيه غير مقدر لاختلافه بتقويم المقومين فإذا لم يتقدر العوض لا يتحقق النقصان (ومنها) أن يكون المصالح عن الصغير ممن يملك التصرف في ماله كالأب والجد والوصي لان الصلح تصرف في المال فيختص بمن يملك التصرف فيه (ومنها) أن لا يكون مرتدا عند أبي حنيفة وعند هما صلحه نافذ بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده وعند هما نافذة لكن عند محمد نفاذ تصرف المريض وعند أبي يوسف نفاذ تصرف من عليه القصاص في النفس والمسألة تعرف في موضوعها إن شاء الله تعالى وأما المرتدة فصلحها جائز بلا خلاف لان حكمها حكم الحربية الا انها إذا التحقت بدار الحرب وقضى القاضي بذلك بطل بعضه دون بعض كصلح الحربية لثبوت أحكام أهل الحرب في حقها بالتحاقها بدار الحرب (فصل) وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع (منها) أن يكون مالا فلا يصح الصلح على الخمر والميتة والدم وصيد الاحرام والحرم وكل ما ليس بمال لان في الصلح معنى المعاوضة فمالا يصلح عوضا في البياعات لا يصلح بدل الصلح وكذا ذا صالح على بعد فإذا هو حر لا يصح الصلح لأنه تبين أن الصلح لم يصادق محله وسواء كان المال عينا أو دينا أو منفعة ليست بعين ولا دين لان العوض في المعاوضات المطلقة قد يكون عينا وقد يكون دينا وقد يكون منفعة الا انه يشترط القبض في بعض الاعواض في بعض الأحوال دون بعض وجملة الكلام فيه أن المدعى لا يخلو من أحد وجوه (اما) أن يكون عينا وهو ما يحتمل التعيين مطلقا جنسا ونوعا وقدر أو صفة واستحقاقا كالعروض من الثياب والعقار من الأرضين والدور والحيوان من العبيد والدواب والمكيل من الحنطة والشعير والموزون من الصفر والحديد (واما) أن يكون دينار وهو مالا يحتمل التعيين من الدراهم والدنانير والمكيل الموصوف في الذمة والموزون الموصوف سوى الدراهم والدنانير والثياب الموصوفة والحيوان الموصوف (واما) أن يكون منفعة (واما) أن يكون حقا ليس بعين ولا دين ولا منفعة وبدل الصلح لا يخلو من أن يكون عينا أو دينا أو منفعة والصلح لا يخلو من أن يكوع عن اقرار المدعى عليه أو عن إنكاره أو عن سكوته فإن كان المدعى عينا فصالح منها عن اقرار يجوز سواء كان بدل الصلح عينا أو دينا بعد أن كان معلوم القدر الصفة الا الحيوان والا الثياب الا بجميع شرائط
(٤٢)