ابن مسعود فجاء رجل فقال قدم فلان بإباق من القوم فقال القوم لقد أصاب أجرا فقال عبد الله رضي الله عنه وجعلا ان شاء من كل رأس درهما ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر فيكون اجماعا ولان جعل الآبق طريق صيانة عن الصياع لأنه لا يتوصل إليه بالطلب عادة إذ ليس له مقام معلوم يطلب هناك فلو لم يأخذه لضاع ولا يؤخذ لصاحبه ويتحمل مؤنة الاخذ والرد عليه مجانا عوض عادة وإذا علم أن له عليه جعلا يحمل مشقة الاخذ والرد طمعا في الجعل فتحصل الصيانة عن الضياع فكان استحقاق الجعل طريق صيانة الآبق عن الضياع وصيانة المال عن الضياع واجب فكان المالك شارطا للاجر عند الاخذ والرد دلالة بخلاف الضالة لان الدابة إذا ضلت فإنها ترعى في المراعى المألوفة فيمكن الوصول إليها بالطلب عادة فلا تضيع دون الاخذ فلا حاجة إلى الصيانة بالجعل فان أخذه أحد كان في الاخذ والرد محتسبا فلا يستحق الاجر فهو الفرق وأما سبب استحقاق الجعل فهو الاخذ لصاحبه لأنه طريق الصيانة على المالك وهو معنى التسبب (فصل) وأما شرائط الاستحقاق فأنواع (منها) الرد على المالك لان الصيانة تحصل عنده وهو معنى الشرط ان توجد العلة عند وجوده حتى لو أخذه فمات أو أبق من يده قبل الرد لا يستحق الجعل ولو أخذه فأبق من يده فأخذه غيره فرده على المالك فالجعل للثاني ولا شئ للأول لأنه لما أبق من يده فقد انفسخ ذلك السبب أو بقي ذلك سببا محضا لانعدام شرطه وهو الرد على المالك وقد وجد السبب والشرط من الثاني فكان الأول صاحب سبب محض والسبب المحض لا حكم له والثاني صاحب علة فيكون الجعل له ولو كان الراد واحدا والآبق اثنين فله جعلان لوجود سبب الاستحقاق وشرطه في كل واحد منهما ولو كان الراد اثنين والآبق واحدا فلهما جعل واحد بينهما نصفان لاشتراكهما في مباشرة السبب والشرط ولو كان الراد واحدا والآبق واحد أو المالك اثنين فعليهما جعل واحد على قدر ملكيهما ولو جاء بالآبق فوجد المالك قد مات فله الجعل في تركته لوجود الرد على المالك من حيث المعنى بالرد على التركة ثم إن كان عليه دين محيط بماله فهو أحق بالعبد حتى يعطى الجعل لما ذكرنا وان لم يكن له مال سوى العبد يقدم الجعل على سائر الديون فيباع العبد ويبدأ بالجعل من ثمنه ثم يقسم الباقي بين الغرماء لأنه كان أحق بحبسه من بين سائر الغرماء لاستيفاء الجعل فكان أحق بثمنه بقدر الجعل كالمرتهن هذا إذا جاء به أجنبي فوجد المالك قد مات فأما إذا جاء به وارث الميت فوجد مورثه قد مات فله الجعل عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله إذا كان المالك حيا وقت الاخذ وعند أبي يوسف لا جعل له وإن كان حيا وقت الاخذ إذا مات قبل الوصول إليه (وجه) قوله إنه فات شرط الاستحقاق وهو الرد على المالك لأنه رد على نفسه (وجه) قولهما أن المجئ به من مسيرة ثلاثة أيام مثلا في حال حياة المالك على قصد الرد رد على المالك فيستحق الجعل كما إذا وجده حيا ولهذا لو كان الراد أجنبيا استحق الجعل لما قلنا كذا هذا ولو جاء به فأعتقه مولاه قبل أن يرده عليه أو باعه منه فله الجعل لما ذكرنا أن المجئ به على قصد الرد على الملك رد عليه ويجب الجعل برد الآبق المرهون لوجود سبب الوجوب وشرطه وهو الرد على المالك الا انه يجب على المرتهن لان منفعة الصيانة رجعت إليه ألا ترى انه لو ضاع يسقط دينه بقدر قيمته فإذا كانت المنفعة له كانت المضرة عليه لقوله عليه الصلاة والسلام الخراج بالضمان وسواء كان الراد بالغا أو صبيا حرا أو عبدا لان الصبي من أهل استحقاق الاجر بالعمل وكذا العبد الا أن الجعل لمولاه لأنه ليس من أهل ملك المال والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) أن لا يكون الراد على المالك في عيال المالك حتى لو كان في عياله لاجعل له سواء كان وارثا أو أجنبيا لأنه إذا كان في عياله كان الرد منه بمنزلة رد المالك ولأنه إذا كان في عياله كان في الرد عليه عاملا لنفسه لان منفعة الرد تعود إليه ومن عمل لنفسه لا يستحق الاجر على غيره والأصل أن الراد إذا كان في عيال المالك لاجعل له كائنا ما كان وان لم يكن في عياله فله الجعل كائنا ما كان الا الابن يرد آبق أبيه والزوج يرد آبق زوجته انه لاجعل لهما وان لم يكونا في عيالهما لان الابن وان لم يكن في عيال أبيه فالرد منه يجرى مجرى الخدمة لأبيه والابن لا يستحق الاجر بخدمة أبيه لأنها
(٢٠٤)