فيه الماء كان النهر مشغولا بالماء فكان النهر مستعملا به فكان في يده بخلاف الميزاب فان موضع المسألة فما إذا لم يكن في الميزاب ماء عند الاختلاف حتى لو كان فيه ماء كان حكمه حكم النهر والله سبحانه وتعالى أعلم ولو شهدوا انهم رأوا الماء يسيل في الميزاب فليست هذه الشهادة بشئ لان التسييل قد يكون بغير حق وكذا الشهادة ما قامت بحق كائن على ما مر ولو شهدوا ان له حقا في الدار من حيث التسييل فان بينوا انه لماء المطر فهو لماء المطر وان بينوا انه مسيل ماء دائم للغسل والوضوء فهو كذلك وان لم يبينوا تقبل شهادتهم أيضا ويكون القول قول صاحب الدار مع يمينه انه للغسل والوضوء أو لماء المطر لان أصل الحق ثبت بشهادة الشهود وبقيت الصفة مجهولة فيتبين ببيان صاحب الدار لكن مع اليمين وان لم يكن للمدعى بينة أصلا يستحلف صاحب الدار على ذلك فان حلف برئ وان نكل يقضى بالنكول كما في باب الأموال وعلى هذا يخرج اختلاف الزوجين في متاع البيت ولا بينة لأحدهما على ما ذكرنا في كتاب النكاح والله تعالى أعلم (فصل) وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك فهو كاختلاف المتبايعين في قدر الثمن أو المبيع فنقول جملة الكلام فيه ان المتبايعين إذا اختلفا فلا يخلوا ما ان اختلفا في الثمن واما ان اختلفا في المبيع فان اختلفا في الثمن فلا يخلوا اما ان اختلفا في قدر الثمن واما ان اختلفا في جنسه واما ان اختلفا في وقته وهو الأجل فان اختلفا في قدره بان قال البائع بعت منك هذا البعد بألفي درهم وقال المشترى اشتريت بألف فهذا لا يخلوا ما إن كانت السلعة قائمة واما إن كانت هالكة فإن كانت قائمة فاما إن كانت قائمة على حالها لم تغيرت إلى الزيادة أو إلى النقصان فإن كانت قائمة على حالها لم تتغير تحالفا وتراد سواء كان قبل القبض أو بعده اما قبل القبض فلان كل واحد منهما مدعى ومدعى عليه من وجه لان البائع يدعى على المشترى زيادة ثمن وهو ينكر والمشترى يدعى على البائع تسليم المبيع إليه عند أداء الألف وهو ينكر فيتحالفان لقوله عليه الصلاة والسلام واليمين على من أنكر وأما بعد القبض فكان ينبغي ان لا يحلف البائع ويكون القول قول المشترى مع يمينه لان المشترى لا يدعى على البائع شيئا لسلامة المبيع له والبائع يدعى على المشترى زيادة ثمن وهو ينكر فكان القول قوله مع يمينه الا انا عرفنا التحالف وهو الحلف من الجانبين بنص خاص وهو قوله عليه الصلاة والسلام إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادا ويبدأ بيمين المشترى في ظاهر الرواية وهو قول محمد وأبى يوسف الآخر وفى قوله الأول يبدأ بيمين البائع ويقال إنه قول أبي حنيفة رحمه الله والصحيح جواب ظاهر الرواية لان اليمين وظيفة المنكر والمشترى أشد انكار من البائع لأنه منكر في الحالين جميعا قبل القبض وبعده والبائع بعد القبض ليس بمنكر لان المشترى لا يدعى عليه شيئا فكان أشد انكارا منه وقبل القبض إن كان منكرا لكن المشترى أسبق انكار منه لأنه يطالب أولا بتسليم الثمن حتى يصير عينا وهو ينكر فكان أسبق انكارا من البائع فيبدأ بيمينه فان نكل لزمه دعوى البائع لان النكول بذل أو اقرار وان حلف يحلف البائع ثم إذا تحالفا هل ينفسخ البيع بنفس التحالف أو يحتاج فيه إلى فسخ القاضي اختلف المشايخ رحمهم الله فيه قال بعضهم ينفسخ بنفس التحالف لأنهما إذا تحالفا لم يكن في بقاء العقد فائدة فينفسخ وقال بعضهم لا ينفسخ الا بفسخ القاضي عند طلبهما أو طلب أحدهما وهو الصحيح حتى لو أراد أحدهما امضاء البيع بما يقوله صاحبه فله ذلك من غير تجديد العقد لان احتمال الفائدة ثابت لاحتمال التصديق من أحدهما لصاحبه والعقد المنعقد قد يبقى لفائدة محتملة الوجود والعدم لأنه انعقد بيقين فلا يزول لاحتمال عدم الفائدة على الأصل المعهود في الثابت بيقين لأنه لا يزول بالاحتمال فلا ينفسخ الا بفسخ القاضي ولد ان يفسخ لانعدام الفائدة للحال ولان المنازعة لا تندفع الا بفسخ القاضي لأنهما لما تحالفا صار الثمن مجهولا فيتنازعان فلابد من قطع المنازعة ولا تنقطع الا بالقضاء بالفسخ هذا إذا كانت السلعة قائمة بعينها من غير تغير فاما إذا كانت تغيرت ثم اختلفا في قدر الثمن فلا يخلوا ما ان تغيرت إلى الزيادة واما ان تغيرت إلى النقصان فإن كان التغيير إلى الزيادة فإن كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالسمن والجمال منعت التحالف عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وعند محمد رحمه
(٢٥٩)