لأنه أدى ما يحتمله اللفظ فيحمل عليه (فصل) وأما بيان ركن التوكيل فهو الايجاب والقبول فالايجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا أو افعل كذا أو اذنت لك أن تفعل كذا ونحوه والقبول من الوكيل أن يقول قبلت وما يجرى مجراه فما لم يوجد الايجاب والقبول لا يتم العقد ولهذا لو وكل انسانا بقبض دينه فأبى أن يقبل ثم ذهب الوكيل فقبضه لم يبرأ الغريم لان تمام العقد بالايجاب والقبول وكل واحد منهما يرتد بالرد قبل وجود الآخر كما في البيع ونحوه ثم ركن التوكيل قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بالشرط نحو أن يقول إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع هذا العبد وقد يكون مضافا إلى وقت بأن يقول وكلتك في بيع هذا العبد غدا ويصير وكيلا في الغد فما بعده ولا يكون وكيلا قبل الغد لان التوكيل اطلاق التصرف والاطلاقات مما يحتمل التعليق بالشرط والإضافة إلى الوقت كالطلاق والعتاق واذن العبد في التجارة والتمليكات كالبيع والهبة والصدقة والابراء عن الديون التقييدات كعزل الوكيل والحجر على العبد المأذون والرجعة والطلاق الرجعي لا يحتمل ذلك (فصل) وأما الشرائط فأنواع بعضها يرجع إلى الموكل وبعضها يرجع إلى الوكيل وبعضها يرجع إلى الموكل به أما الذي يرجع إلى الموكل فهو أن يكون ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه لان التوكيل تفويض ما يملكه من التصرف إلى غيره فمالا يملكه بنفسه كيف يحتمل التفويض إلى غيره فلا يصح التوكيل من المجنون والصبي الذي لا يعقل أصلا لان العقل من شرائط الأهلية ألا ترى أنهما لا يملكان التصرف بأنفسهما وكذا من الصبي العاقل بمالا يملكه بنفسه كالطلاق والعتاق والهبة والصدقة ونحوها من التصرفات الضارة المحضة ويصح بالتصرفات النافذة كقبول الهبة والصدقة من غير اذن المولى لأنه مما يملكه بنفسه بدون اذن وليه فيلك تفويضه إلى غيره بالتوكيل وأما التصرفات الدائرة بين الضرر والنفع كالبيع والإجارة فإن كان مأذونا له في التجارة يصح منه التوكيل بها لأنه يملكها بنفسه وإن كان محجورا ينعقد موقوفا على إجازة وليه وعلى اذن وليه بالتجارة أيضا كما إذا فعل بنفسه لان في انعقاده فائدة لوجود المجيز للحال وهو الولي ولا يصح من العبد المحجور وأما التوكيل من المرتد فموقوف ان أسلم ينفذ وان قتل أو مات على الردة أو لحق بدار الحرب يبطل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد هو نافذ بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنه لوقوف املاكه وعند هما نافذة لثبوت املاكه ويجوز التوكيل من المرتدة بالاجماع لان تصرف فاتها نافذة بلا خلاف وأما ما الذي يرجع إلى الوكيل فهو أن يكون عاقلا فلا تصح وكالة المجنون والصبي الذي لا يعقل لما قلنا وأما البلوغ والحرية فليسا بشرط لصحة الوكالة فتصح وكالة الصبي العاقل والعبد مأذونين كانا أو محجورين وهذا عند أصحابنا وقال الشافعي رحمه الله وكالة الصبي غير صحيحة لأنه غير مكلف ولا تصح وكالة المجنون (ولنا) ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطب أم سلمة قالت إن أوليائي غيب يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم ليس فيهم من يكرهني ثم قال لعمرو بن أم سلمة قم فزوج أمك منى فزوجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صبيا والاعتبار بالمجنون غير سديد لان العقل شرط أهلية التصرفات الشرعية وقد انعدم هناك ووجد هنا فتصح وكالته كالبالغ الا أن حقوق العقد من البيع ونحوه ترجع إلى الوكيل إذا كان بالغا وإذا كان صبيا ترجع إلى الموكل لما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى وكذا ردة الوكيل لا تمنع صحة الوكالة فتجوز وكالة المرتد بان وكل مسلم مرتدا لان وقوف تصرفات المرتد لوقوف ملكه والوكيل يتصرف في ملك الموكل وانه نافذ التصرفات وكذا لو كان مسلما وقت التوكيل فهل هو شرط لصحة الوكالة لا خلاف في أن العلم بالتوكيل في الجملة شرط اما علم الوكيل واما علم من يعامله حتى أنه لو وكل رجلا ببيع عبده فباعه الوكيل من رجل قبل علمه وعلم الرجل بالتوكيل لا يجوز بيعه حتى
(٢٠)