بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢١٧
كانت مطلقة له ان يجبر المستعير على قلع الغرس ونقض البناء لان في الترك ضررا بالمعير لأنه لا نهاية له وإذا قلع ونقض لا يضمن المعير شيئا من قيمة الغرس والبناء لأنه لو وجب عليه الضمان لوجب بسبب الغرور ولا غرور من جهته حيث أطلق العقد ولم يوقت فيه وقتا فأخرجه قبل الوقت بل هو الذي غرر نفسه حيث حمل المطلق على الأبد وإن كانت موقتة فأخرجه قبل الوقت لم يكن له ان يخرجه ولا يجبر على النقض والقلع والمستعير بالخياران شاء ضمن صاحب الأرض قيمة غرسه وبنائه قائما سليما وترك ذلك عليه لأنه لما وقت للعارية وقتا ثم أخرجه قبل الوقت فقد غره فصار كفيلا عنه فيما يلزمه من العهدة إذ ضمان الغرور كفالة فكان له أن يرجع عليه بالضمان ويملك صاحب الأرض البناء والغرس بأداء الضمان لان هذا حكم المضمونات انها تملك بأداء الضمان وان شاء أخذ غرسه وبناء ولا شئ على صاحب الأرض ثم إنما يثبت خيار القلع والنقض للمستعير إذا لم يكن القلع أو النقض مضرا بالأرض فإن كان مضرا بها فالخيار للمالك لان الأرض أصل والبناء والغرس تابع لها فكان المالك صاحب أصل والمستعير صاحب تبع فكان اثبات الخيار لصاحب الأصل أولى ان شاء أمسك الغرس والبناء بالقيمة وان شاء رضى بالقلع والنقض هذا إذا استعار أرضا للغرس أو البناء فاما إذا استعار أرضا للزراعة فزرعها ثم أراد صاحب الأرض ان يأخذها لم يكن له ذلك حتى يحصد الزرع بل يترك في يده إلى وقت الحصاد باجر المثل استحسانا في القياس أن يكون له ذلك كما في البناء والغرس ووجه الفرق للاستحسان ان النظر من الجانبين ورعاية الحقين واجب عند الامكان وذلك ممكن في الزرع لان ادراك الزرع له وقت معلوم فيمكن النظر من الجانبين جانب المستعير لاشك فيه وجانب المالك بالترك إلى وقت الحصاد بالاجر ولا يمكن في الغرس والبناء لأنه ليس لذلك وقت معلوم فكان مراعاة صاحب الأصل أولى وقالوا في باب الإجارة إذا نقضت المدة والزرع بقل لم يستحصد انه يترك في يد المستأجر إلى وقت الحصاد باجر المثل كما في العارية لما قلنا بخلاف باب الغصب لان الترك للنظر والغاصب جان فلا يستحق النظر بل يجبر على القلع (فصل) واما بيان حال المستعار فحاله انه أمانة في يد المستعير في حال الاستعمال بالاجماع فاما في غير حال الاستعمال فكذلك عندنا وعند الشافعي رحمه الله مضمون واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان درعا يوم حنين فقال صفوان اغصبا يا محمد فقال عليه الصلاة والسلام بل عارية مضمونة ولأن العين مضمونة الرد حال قيامها فكانت مضمونة القيمة حال هلاكها كالمغصوب وهذا لأن العين اسم للصورة والمعنى وبالهلاك ان عجز عن رد الصورة لم يعجز عن رد المعنى لان قيمة الشئ معناه فيجب عليه رده بمعناه كما في الغصب ولأنه قبض مال الغير لنفسه فيكون مضمونا عليه كالمقبوض على سوم الشراء (ولنا) انه لم يوجد من المستعير سبب وجوب الضمان فلا يجب عليه الضمان كالوديعة والإجارة وإنما قلنا ذلك لأن الضمان لا يجب على المرء بدون فعله وفعله الموجود منه ظاهرا هو العقد والقبض وكل واحد منهما لا يصلح سببا لوجوب الضمان اما العقد فلانه عقد تبرع بالمنفعة تمليكا أو إباحة على اختلاف الأصلين واما القبض فلوجهين أحدهما ان قبض مال الغير بغير اذنه لا يصلح سببا لوجوب الضمان فبالاذن أولى وهذا لان قبض مال الغير بغير اذنه هو اثبات اليد على مال الغير وحفظه وصيانته عن الهلاك وهذا احسان في حق المالك قال الله تبارك وتعالى جل شأنه هل جزاء الاحسان الا الاحسان وقال تبارك وتعالى ما على المحسنين من سبيل دل ان قبض مال الغير بغير اذنه لا يصلح سببا لوجوب الضمان فمع الاذن أولى الثاني ان القبض المأذون فيه لا يكون تعديا لأنه لا يفوت يد المالك ولا ضمان الاعلى المتعدى قال الله تبارك وتعالى ولا عدوان الا على الظالمين بخلاف قبض الغصب وأما الاستدلال بضمان الرد قلنا إن وجب عليه رد العين حال قيامها لم يجب عليه رد القيمة حال هلاكها وقوله قيمتها معناها قلنا ممنوع وهذا لان القيمة هي الدراهم والدنانير والدراهم والدنانير عين أخرى لها صورة ومعنى غير العين الأولى فالعجز عن رد أحد العينين لم يوجب رد العين الأخرى وفى باب الغصب لا يجب عليه ضمان القيمة بهذا الطريق بل بطريق آخر وهو اتلاف المغصوب معنى لما علم وهنا لم يوجد حتى لو وجد يجب الضمان
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283