أن استحقاق فضل الأجرة بفضل الضمان لا بفضل العمل ولو شرطا التفاضل في الأجرة فجعلاها أثلاثا ولم ينسبا العمل إلى نصفين فهو جائر لأنهما لما شرطا التفاضل في الكسب ولا يصح ذلك الا بشرط التفاضل في العمل كان ذلك اشتراطا للتفاضل في العمل تصحيحا لتصرفهما عند امكان التصحيح ولو شرطا الكسب أثلاثا وشرطا العمل نصفين لم يجزلان فضل الأجرة لا يقابلها مال ولا عمل ولا ضمان والربح لا يستحق الا بأحد هذه الأشياء (وأما) الوضيعة فلا تكون بينهما الاعلى قدر الضمان حتى لو شرطا أن ما يتقبلانه فثلثاه على أحدهما بعينه وثلثه على الآخر والوضيعة بينهما نصفإن كانت الوضيعة باطلة والقبالة بينهما على ما شرطا على كل واحد منهما لان الربح إذا انقسم على قدر الضمان كانت الوضيعة على قدر الضمان أيضا لأنه لا يجوز اشتراط زيادة الضمان في الوضيعة في موضع يجوز اشتراط زيادة الربح فيه لأحدهما وهو الشركة بالأموال حتى لا تكون الوضيعة فيها الا بقدر المال ففي موضوع لا يجوز اشتراط زيادة الربح فيه لأحدهما فلان لا يجوز أن تكون الوضيعة فيه الاعلى قدر الضمان أولى (وأما) المفاوضة منهما فما لزم أحدهما بسبب هذه الشركة يلزم صاحبه ويطالب به من ثمن صابون أو أشنان أو أجر أجير أو حانوت ويجوز اقرار أحد الشريكين عليه وعلى شريكه بالدين وللمقر له أن يطالب به أيهما شاء لان كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فيلزم المقر باقراره والشريك بكفالته ولو ادعى على أحدهما بثبوت في أيديهما فأقر به أحدهما وجحد صاحبه يصدق على صاحبه وينفذ اقراره عليه (وأما) الشركة بالوجوه فالعنان منها والمفاوضة في جميع ما يجب لهما وما يجب عليهما وما يجوز فيه فعل أحدهما على شريكه ومالا يجوز بمنزلة شريك العنان والمفاوضة في الأموال (وأما) الشركة الفاسدة وهي التي فاتها شرط من شرائط الصحة فلا تفيد شيئا مما ذكرنا لان لاحد الشريكين أن يعمله بالشركة الصحيحة والربح فيها على قدر المالين لأنه لا يجوز أن يكون الاستحقاق فيها بالشرط لان الشرط لم يصح فألحق بالعدم فبقي الاستحقاق بالمال فيقدر بقدر المال ولا أجر لأحدهما على صاحبه عندنا وقال الشافعي له أجره فيما عمل لصاحبه وهذا غير سديد الا أنه استحق الربح بعمله فلا يستحق الاجر والله عز وجل أعلم (فصل) وأما صفة عقد الشركة فهي انها عقد جائز غير لازم حتى ينفرد كل واحد منهما بالفسخ الا أن من شرط جواز الفسخ أن يكون بحضرة صاحبه أي بعلمه حتى لو فسخ بمحضر من صاحبه جاز الفسخ وكذا لو كان صاحبه غائبا وعلم بالفسخ وإن كان غائبا ولم يبلغه الفسخ لم يجز الفسخ ولم ينفسخ العقد لان الفسخ من غير علم صاحبه اضرار بصاحبه ولهذا لم يصح عزل الوكيل من غير علمه مع ما أن الشركة تتضمن الوكالة وعلم الوكيل بالعزل شرط جواز العزل فكذا في الوكالة التي تضمنته الشركة وعلى هذا الأصل قال الحسن بن زياد إذا شارك أحد شريكي العنان رجلا شركة مفاوضة انه إن كان بغير محضر من شريكه لم تكن مفاوضة وإن كان بمحضر منه صحت المفاوضة لان المفاوضة مع غيره تتضمن فسخ العنان وهولا يملك الفسخ عند غيبته ويملك عند حضرته وهل يشترط أن يكون مال الشركة عينا وقت الشركة لصحة الفسخ وهي أن يكون دراهم أو دنانير ذكر الطحاوي انه شرط حتى لو كان مال الشركة عروضا وقت الفسخ لا يصح الفسخ ولا تنفسخ الشركة ولا رواية عن أصحابنا في الشركة وفي المضاربة رواية وهي ان رب المال إذا نهى المضارب عن التصرف فإنه ينظر إن كان مال المضاربة وقت النهى دراهم أو دنانير صح النهى لكن له أن يصرف الدراهم إلى الدنانير والدنانير إلى الدراهم لأنهما في الثمنية جنس واحد فكأنه لم يشتر بها شيئا وليس له أن يشترى بها عروضا وإن كان رأس المال وقت النهى عروضا فلا يصح نهيه لأنه يحتاج إلى بيعها ليظهر الربح فكان الفسخ ابطالا لحقه في التصرف فجعل الطحاوي الشركة بمنزلة المضاربة وبعض مشايخنا فرق بين الشركة والمضاربة فقال يجوز فسخ الشركة وإن كان رأس المال عروضا ولا يجوز فسخ المضاربة لان مال الشركة في يد الشريكين جميعا ولهما جميعا ولاية التصرف فيملك كل واحد منهما نهى صاحبه عينا كان المال أو عروضا فاما مال المضاربة ففي يد المضارب ولاية التصرف له لا لرب المال فلا يملك رب المال نهيه بعد ما صار المال عروضا
(٧٧)