صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم مزارعتهم وعلى قياس ما روى عن أبي يوسف يجوز (ومنها) أن يشترط في عقد المزارعة أن يكون بعض البذر من قبل أحدهما والبعض من قبل الآخر وهذا لا يجوز لان كل واحد منهما يصير مستأجرا صاحبه في قدر بذره فيجتمع استئجار الأرض والعمل من جانب واحد وانه مفسد (ومنها) أن تكون الأرض من جانب والبذر والبقر من جانب دفع صاحب الأرض أرضه إليه على أن يزرعها ببذره وبقره مع هذا الرجل الآخر على أن ما خرج من شئ فثلثه لصاحب الأرض وثلثاه لصاحب البذر والبقر وثلثه لذلك العامل وهذا صحيح في حق صاحب الأرض والعامل الأول فاسد في حق العامل الثاني ويكون ثلث الخارج لصاحب الأرض وثلثاه للعامل الأول وللعامل الثاني أجر مثل عمله وكان ينبغي أن تفسد المزارعة في حق الكل لان صاحب البذر وهو العامل الأول جمع بين استئجار الأرض والعامل وقل ذكرنا أن الجمع بينهما مفسد للعقد لكونه خلاف مورد الشرع بالمزارعة ومع ذلك حكم بصحتها في حق صاحب الأرض والعامل الأول وإنما كان كذلك لأن العقد فيما بين صاحب الأرض والعامل الأول وقع استئجارا للأرض لاغير وانه صحيح وفيما بين العاملين وقع استئجار الأرض والعامل جميعا وانه غير صحيح ويجوز أن يكون العقد الواحد له جهتان جهة الصحة وجهة الفساد خصوصا في حق شخصين فيكون صحيحا في حق أحدهما فاسدا في حق الآخر ولو كان البذر في هذه المسألة من صاحب الأرض صحت المزارعة في حق الكل والخارج بينهم على الشرط لان صاحب الأرض في هذه الصورة يعتبر مستأجرا للعاملين جميعا والجمع بين استئجار العاملين لا يقدح في صحة العقد وإذا صح العقد كان الخارج على الشرط (فصل) واما الذي يرجع إلى آلة المزارعة فهو أن يكون البقر في العقد تابعا فان جعل مقصود أفي العقد تفسد المزارعة وقد تقدم بيانه في الفصل المتقدم بما فيه كفاية (فصل) وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة فهو أن تكون المدة معلومة فلا تصح المزارعة الابعد بيان المدة لأنها استئجار ببعض الخارج ولا تصح الا جارة مع جهالة المدة وهذا هو القياس في المعاملة أن لا تصح الابعد بيان المدة لأنها استئجار العامل بعض الخارج فكانت إجارة بمنزلة المزارعة الا انها جازت في الاستحسان لتعامل الناس ذلك من غير بيان المدة وتقع على أول جزء يخرج من الثمرة في أول السنة لان وقت ابتداء المعاملة معلوم (فأما) وقت ابتداء المزارعة فمتفاوت حتى أنه لو كان في موضع لا يتفاوت يجوز من غير بيان المدة وهو على أول زرع يخرج كذا ذكر محمد ابن سلمة أن بيان المدة في ديارنا ليس بشرط كما في المعاملة (فصل) وأما الشرائط المفسدة للمزارعة فأنواع وقد دخل بعضها في بيان الشرائط المصححة (منها) شرط كون الخارج لاحد هما لأنه شرط يقطع الشركة التي هي من خصائص العقد (ومنها) شرط العمل على صاحب الأرض لان ذلك يمنع التسليم وهو التخلية (ومنها) شرط البقر عليه لان فيه جعل منفعة البقر معقودا عليها مقصودة في باب المزارعة ولا سبيل إليه (ومنها) شرط العمل والأرض جميعا من جانب واحد لان ذلك خلاف مورد الشرع الذي هو خلاف القياس على ما مر في الفصول المتقدمة (ومنها) شرط الحمل والحفظ على المزارع بعد القسمة لأنه ليس من عمل المزارعة (ومنها) شرط الحصاد والرفع إلى البيدر والدياس والتذرية لان الزرع لا يحتاج إليه إذ لا يتعلق به صلاحه والأصل أن كل عمل يحتاج إليه الزرع قبل تناهيه وادراكه وجفافه مما يرجع إلى اصلاحه من السقي والحفظ وقلع الحشاوة وحفر الأنهار وتسوية المسناة ونحوها فعلى المزارع لان ما هو المقصود من الزرع وهو النماء لا يحصل بدونه عادة فكان من توابع المعقود عليه فكان من عمل المزارعة فيكون على المزارع وكل عمل يكون بعد تناهى الزرع وادراكه وجفافه قبل قسمة الحب مما يحتاج إليه الخلوص الحب وتنقيته يكون بينهما على شرط الخارج لأنه ليس من عمل المزارعة ولهذا قالوا لو دفع أرضا مزارعة وفيها زرع قد استحصد لا يجوز لانقضاء وقت عمل الزارعة إذ العمل
(١٨٠)