لأنه معذور. قال الرافعي: ولا نعني بالعجز عدم الامكان فقط بل في معناه خوف الهلاك أو الفرق وزيادة المرض أو خوف مشقة شديدة أو دوران الرأس في حق راكب السفينة كما تقدم بعض ذلك كله. قال في زيادة الروضة: الذي اختاره الإمام في ضبط العجز أن تلحقه مشقة تذهب خشوعه، لكن قال في المجموع إن المذهب خلافه اه. وجمع بين كلامي الروضة والمجموع بأن اذهاب الخشوع ينشأ عن مشقة شديدة، وافتراشه أفضل من غيره من الجلسات لأنها هيئة مشروعة في الصلاة فكانت أولى من غيرها، ويكره الاقعاء هنا وفي سائر قعدات الصلاة بأن يجلس المصلي على وركيه وهما أصل فخذيه ناصبا ركبتيه بأن يلصق ألييه بموضع صلاته، وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستوفز، ومن الاقعاء نوع مستحب عند النووي وهو: أن يفرش رجليه ويضع ألييه على قدميه ثم ينحني المصلي قاعدا لركوعه بحيث تقابل جبهته ما قدام ركبتيه، وهذا أقل ركوعه، وأكمله أن تحاذي جبهته موضع سجوده لأنه يضاهي ركوع القائم في المحاذاة في الأقل والأكمل. (ومن عجز عن الجلوس) بأن ناله من الجلوس تلك المشقة الحاصلة من القيام (صلى مضطجعا) لجنبه مستقبل القبلة بوجهه ومقدم بدنه وجوبا لحديث عمران السابق وكالميت في اللحد، والأفضل أن يكون على الأيمن ويكره على الأيسر بلا عذر كما جزم به في المجموع. (ومن عجز عنه) أي عن الاضطجاع (صلى مستلقيا) على ظهره وأخمصاه للقبلة، ولا بد من وضع نحو وسادة تحت رأسه ليستقبل بوجهه القبلة إلا أن يكون بالكعبة وهي مسقوفة، فالمتجه جواز الاستلقاء على ظهره وكذا على وجهه وإن لم تكن مسقوفة لأنه كيفما توجه فهو متوجه لجزء منها، ويركع ويسجد بقدر إمكانه، فإن قدر المصلي على الركوع فقد كرره للسجود، ومن قدر على زيادة على أكمل الركوع تعينت تلك الزيادة للسجود لأن الفرق بينهما واجب على المتمكن. (فإن عجز) عما ذكر (أومأ) بهمزة (برأسه) والسجود أخفض من الركوع، فإن عجز فببصره، فإن عجز أجرى أفعال الصلاة بسننها (ونوى بقلبه) ولا إعادة عليه ولا تسقط عنه الصلاة وعقله ثابت، لوجود مناط التكليف.
تتمة: لو قدر في أثناء صلاته على القيام أو القعود أو عجز عنه أتى بالمقدور له وبنى على قراءته، ويندب إعادتها في الأولين لتقع حال الكمال، فإن قدر على القيام أو القعود قبل القراءة قرأ قائما أو قاعدا ولا تجزئه قراءته في نهوضه لقدرته عليها فيما هو أكمل منه، فلو قرأ فيه شيئا أعاده، وتجب القراءة في هوي العاجز لأنه أكمل مما بعده، ولو قدر على القيام بعد القراءة وجب القيام بلا طمأنينة ليركع منه لقدرته عليه، وإنما لم تجب الطمأنينة لأنه غير مقصود لنفسه وإن قدر عليه في الركوع قبل الطمأنينة ارتفع لها إلى حد الركوع عن قيام، فإن انتصب ثم ركع بطلت صلاته لما فيه من زيادة ركوع أو بعد الطمأنينة فقد تم ركوعه ولا يلزمه الانتقال إلى حد الراكعين، ولو قدر في الاعتدال قبل الطمأنينة قام واطمأن وكذا بعدها إن أراد قنوتا في محله وإلا فلا يلزمه القيام لأن الاعتدال ركن قصير فلا يطول. وقضية المعلل جواز القيام وقضية التعليل منعه وهو أوجه، فإن قنت قاعدا بطلت صلاته.
فائدة: سئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن رجل يتقي الشبهات ويقتصر على مأكول