(فصل) وإن طلقها في المرض ثم صح ثم مرض ومات، أو طلقها في مرض ثم ارتدت ثم عادت إلى الاسلام ثم مات لم ترثه قولا أحدا لأنه أتت عليها حالة أو مات سقط إرثها فلم يعد.
(الشرح) إذا طلق الرجل امرأته في مرض موته وقع الطلاق رجعيا فمات وهي في العدة أو ماتت قبله في العدة ورث أحدهما صاحبه بلا خلاف أيضا، لان الرجعية حكمها حكم الزوجة إلا في إباحة وطئها، وهي كالحائض، وإن كان الطلاق بائنا، فإن ماتت قبل الزوج لم يرثها الزوج وهو إجماع أيضا لا خلاف فيه، فإن مات الزوج قبلها فهل ترثه؟ فيه قولان، قال في القديم: ترثه، وبه قال عمر وعثمان وعلي، ومن الفقهاء شعبة ومالك والأوزاعي والليث وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد، ووجه هذا ما روى أن عمر قال: المبتوتة في حال المرض ترث من زوجها، وروى أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته تماضر بنت أصبع الكلبية في مرض موته فورثها منه عثمان بن عفان، وروى أن عثمان لما حصر طلق امرأته فورثها منه علي بن أبي طالب وقال: قد كان أشرف على موت، ولأنه متهم في قطع ميراثها فغلظ عليه وورثت منه كالقاتل لما كان متهما في القتل لاستعجال الميراث غلظ عليه فلم يرث.
وقال في الجديد: لا ترثه، وبه قال عبد الرحمن بن عوف وابن الزبير وأبو ثور وهو الصحيح، لأنها فرقة يقطع ميراثه منها فقطعت ميراثها عنه كما أبائها في حال الصحة عكسه الرجعية، ولأنها فرقة لو وقعت في الصحة لقطعت ميراثها عنه فإذا وقعت في المرض قطعت ميراثها عنه كاللعان، ولأنها ليست بزوجه له بدليل أنه لا يلحقها طلاقه ولا إيلاؤه ولا ظهاره ولا عدة وفاته فلم ترثه كالأجنبية.
وأما ما روى عن عمر وعثمان وعلي، فإن ابن الزبير وعبد الرحمن بن عوف خالفاهم في ذلك فقال ابن الزبير: أما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة، وعبد الرحمن ابن عوف إنما طلق امرأته في مرض موته ليقطع ميراثها عنه، فإذا قلنا في الجديد فلا نفرع عليه، وان قلنا بقوله القديم قال: متى ترثه؟ فيه ثلاثة أقوال.