فقال لها: إذا حضت فأعلميني فأعلمته فطلقها. وليس طلاقه لها في هذا الوقت جوابا لكلامها لان قولها طلقني يقتضي الجواب في الحال، فإذا تأخر ثم طلقها كان ذلك ابتداء طلاق.
وان سألته في مرض موته أن يطلقها واحدة فطلقها ثلاثا ثم مات فهل ترثه فيه قولان، لأنها سألته تطليقها فإذا طلقها ثلاثا صار متهما بذلك لأنه قصد قطع ميراثها، فصار كما لو طلقها ثلاثا ابتداء من غير سؤالها.
(فرع) إذا علق المريض طلاق امرأته ثلاثا بصفة ثم وجدت تلك الصفة في مرضه ومات، فهل ترثه؟ نظرت فإن كان صفة لها منه بد مثل أن قال لها:
ان دخلت الدار أو خرجت منها أو كلمت فلانا أو صليت النافلة أو صمت النافلة فأنت طالق ثلاثا، ففعلت ذلك في مرض موته لم ترثه قولا واحدا، لأنها إذا فعلت ذلك مع علمها بالطلاق فقد اختارت وقوع الطلاق عليها بما لها منه بد فصارت كما لو سألته الطلاق، وإن كانت صفة لا بد منها بأن قال: إن تنفست أو صليت الفرض أو كلمت أباك أو أمك فأنت طالق ثلاثا ففعلت ذلك في مرض موته ومات فهل ترثه؟ على القولين لأنها لابد لها من فعل هذه الأشياء فصار كما لو طلقها ثلاثا طلاقا منجزا.
وقال الشيخ أبو حامد: ان قال لها ان مرضت فأنت طالق ثلاثا فمات في مرضه فيه قولان، لأنه لما جعل مرض موته شرطا في وقوع الطلاق عليها كان متهما في ذلك، فان قال لها وهو صحيح: ان جاء رأس الشهر أو جاء الحاج أو طلعت الشمس وما أشبه ذلك فأنت طالق ثلاثا، فوجدت هذه الصفات في مرضه موته فهل ترثه، قال البغداديون من أصحابنا: لا ترثه قولا واحدا لأنه غير متهم في ذلك، لان انفاق ذلك في مرضه مع هذه الصفات لم يكن من قصده. أما إذ قال أنت طالق ثلاثا قبل موتي بشهر، فان عاش هذا الزوج بعد هذا القول أقل من شهر ثم مات لم يحكم بوقوع الطلاق لأنا لا نحكم بوقوعه قبل محله، وان عاش بعد ذلك شهرا ومات مع الشهر لم يقع الطلاق لان الطلاق إنما يقع عقيب الايقاع مما معه، وان عاش شهرا واحدا طلقت قبل موته بشهر.