أحدها: ترثه ما دامت في عدتها منه، فإذا انقضت عدتها لم ترثه، وبه قال أبو حنيفة وسفيان والليث والأوزاعي وإحدى الروايتين عن أحمد، لان الميراث للزوجة إنما يكون لزوجة أو لمن هي في حكم الزوجات، فما دامت في عدتها منه فهي في حكم الزوجات.
والثاني: أنها ترثه ما لم تتزوج بغيره، فإذا تزوجت بغيره لم ترثه، وبه قال ابن أبي ليلى، وهي الرواية الصحيحة عن أحمد، لان حقها قد ثبت في ماله، فإذا لم يسقط ببينونتها لم يسقط بانقضاء عدتها، وإنما يسقط برضاها، فإذا تزوجت فقد رضيت بفراقه وقطع حقها عنه.
والثالث: أنها ترثه ابدا سواء تزوجت أو لم تتزوج، وبه قال مالك لأنها قد ثبت لها حق في ماله فلم ينقص بانقضاء عدتها ولا بتزويجها كمهرها.
(فرع) إذا أقر في مرض موته أنه قد كان طلق امرأته في صحته ثلاثا بانت منه، قال الشيخ أبو حامد: ولا ترثه قولا واحدا، لان ما أقر به في مرض موته وإضافته إلى الصحة كالذي فعله في الصحة كما لو أقر في مرض موته أنه كان وهب ماله في صحته وأقبضه، فان ذلك يعتبر من الثلث.
وحكى القاضي أبو الطيب عن بعض أصحابنا في ذلك قولين كما لو طلقها ثلاثا في مرض موته لأنه متهم في اسقاط حقها فلم يسقط بدليل أنه لا يسقط بهذا الاقرار نفقتها ولا سكناها في حال النكاح وان أضاف ذلك إلى وقت ماض.
(فرع) إذا كان الرجل مريضا فسألته امرأته أن يطلقها ثلاثا ومات في مرضه ذلك، أو قال لها في مرض موته: أنت طالق ثلاثا ان شئت، فقالت:
شئت، طلقت، وهل ترثه؟ اختلف أصحابنا فيه، فقال أبو علي بن أبي هريرة:
هي على القولين، لان الأصل في هذا قصة عثمان في توريثه تماضر زوجها عبد الرحمن بن عوف في مرض موته، وقد كانت سألته الطلاق.
وقال الشيخ أبو حامد: لا ترثه قولا واحدا، وهو المذهب لأنها إذا سألته الطلاق فلا تهمة عليه في طلاقها، وأما قصة تماضر لا حجه فيها لان عبد الرحمن قال لنسائه: من اختارت منكن أن أطلقها طلقتها، فقالت تماضر: طلقني،