وقال أبو يوسف ومحمد يرثه. أما نحن فدليلنا ما رويناه من حديث ابن عباس (لا يرث القاتل شيئا) وحديث عمر وحديث أبي هريرة وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وكلها نصوص في أن القاتل لا يرث. والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) واختلف قول الشافعي رحمه الله فيمن بت طلاق امرأته في المرض المخوف واتصل به الموت، فقال في أحد القولين انها ترثه لأنه متهم في قطع ارثها فورثت، كالقاتل لما كانت متهما في استعجال الميراث لم يرث. والثاني أنها لا ترث وهو الصحيح، لأنها بينونة قبل الموت فقطعت الإرث كالطلاق في الصحة، فإذا قلنا إنها ترث فإلى أي وقت ترث؟ فيه ثلاثة أقوال، أحدها ان مات وهي في العدة ورثت لان حكم الزوجية باق، وان مات وقد انقضت العدة لم ترث لأنه لم يبق حكم الزوجية، والثاني انها ترث ما لم تتزوج، لأنها إذا تزوجت علمنا أنها اختارت ذلك، والثالث أنها ترث أبدا، لان توريثها للفرار، وذلك لا يزول بالتزويج فلم يبطل حقها.
وأما إذا طلقها في المرض ومات بسبب آخر لم ترث لأنه بطل حكم المرض، وان سألته الطلاق لم ترث لأنه غير متهم. وقال أبو علي بن أبي هريرة ترث لان عثمان بن عفان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الإصبع من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكانت سألته الطلاق، وهذا غير صحيح. فإن ابن الزبير خالف عثمان في ذلك، وان علق طلاقها في الصحة على صفة تجوز ان توجد قبل المرض فوجدت الصفة في حال المرض لم ترث، لأنه غير متهم في عقد الصفة، وان علق طلاقها في المرض على فعل من جهتها، فإن كان فعلا يمكنها تركه ففعلت لم ترث لأنه غير متهم في ميراثها، وإن كان فعلا لا يمكنها تركه كالصلاة وغيرها فهو على القولين، وان قذفها في الصحة ثم لاعنها في المرض لم ترث، لأنه مضطر إلى اللعان لدرء الحد فلا تلحقه التهمة، وان فسخ نكاحها في مرضه بأحد العيوب ففيه وجهان، أحدهما انه كالطلاق في المرض، والثاني انها لا ترث لأنه يستند إلى معنى من جهتها ولأنه محتاج إلى الفسخ لما عليه من الضرر في المقام معها على العيب