العبادة ففرق فيه بين العجز والقدرة كأفعال الصلاة، والقصد بالنكاح تمليك ما يقصد بالنكاح، والعجمية كالعربية في ذلك، فإن فصل بين القبول والايجاب بخطبة بأن قال الولي، زوجتك. وقال الزوج: بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت نكاحها، ففيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني رحمه الله: إنه يصح لان الخطبة مأمور بها للعقد فلم تمنع صحته كالتيمم بين صلاتي الجمع.
(والثاني) لا يصح، لأنه فصل بين الايجاب والقبول فلم يصح كما لو فصل بينهما بغير الخطبة، ويخالف التيمم فإنه مأمور به بين الصلاتين والخطبة مأمور بها قبل العقد.
(فصل) وإذا انعقد العقد لزم ولم يثبت فيه خيار المجلس ولا خيار الشرط لان العادة في النكاح أنه يسئل عما يحتاج إليه قبل العقد فلا حاجة فيه إلى الخيار بعده، والله تعالى أعلم.
(الشرح) الأحكام: لا ينعقد النكاح عندنا إلا بلفظ النكاح أو التزويج، وهما اللفظان اللذان ورد بهما القرآن، وهو قوله تعالى (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) وقوله تعالى (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) فأما لفظ البيع والتمليك والهبة والإجارة وغيرها من الألفاظ فلا ينعقد به النكاح، وبه قال عطاء وابن المسيب والزهري وربيعة وأحمد بن حنبل.
وقال أبو حنيفة: ينعقد النكاح بكل لفظ يقتضى التمليك كالبيع والتمليك والهبة والصدقة، وفى لفظ الإجارة عنه روايتان، ولا ينعقد بالإباحة والتحليل وقال مالك إن ذكر المهر مع الألفاظ التي تقتضي التمليك انعقد بها النكاح، وإن لم يذكر المهر لم ينعقد بها النكاح.
دليلنا قوله تعالى (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بالنكاح بلفظ الهبة، وأن غيره لا يساويه، ولأنه لفظ ينعقد به غير النكاح فلم ينعقد به النكاح كالإجارة والإباحة