الولاية فلا يعتبر رضاه، فإن دعت المرأة أولياءها أن يزوجوها من غير كفؤ فامتنعوا لم يجبروا على ذلك، ولا ينوب الحاكم منابهم في تزويجها لحديث عائشة (فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم).
قال العزيزي في شرح الجامع الصغير: يحتمل أن المراد تزوجوا الخيرات وانضموا إليهن فالهمزة همزة وصل في الفعلين وأطلق ضمير المذكر على المؤنث، وفيه رد على من لم يشترط الكفاءة.
وقال الشيخ الحفني في شرحه على الجامع الصغير: أي تزوجوا النساء المكافئات لكم من النساء، وانكحوا إليهم أي ميلوا إليهم من قولنا تناكحت الأشجار إذا مال بعضها على بعض، وقد استعير ضمير الذكور للإناث في قوله إليهم، ولو كان المراد من الثاني، وزوجوا بناتكم الأكفاء لقال: وأنكحوهن ولم يقل إليهم فهو بوصل الهمزة في الموضعين لا يقطعها في الثاني.
(قلت) لم يجبروا على تزويجها ولا ينوب الحاكم منابهم في تزويجها ولما روى عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا) رواه الترمذي، فدل على أنها إذا وجدت غير كفؤ جاز أن تؤخر، وإن دعت المرأة الولي أن يزوجها من كفؤ بأقل من مهر مثلها وجب عليه إجابتها، فإن زوجها وإلا زوجها الحاكم، فإن كان لها أولياء فزوجها أحدهم بأقل من مهر مثلها، أو زوجها واحد منهم بذلك ألزموا الزوج مهر مثلها ولم يكن لهم فسخ النكاح.
دليلنا ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استحل بدرهمين فقد استحل، ولان كل من لا يملك الاعتراض عليها في جنس المهر لم يكن له الاعتراض عليها في قدره كأباعد الأولياء والأجانب، ولان المهر حق لها ولا عار عليهم بذلك فلم يكن لهم الاعتراض عليها.
(فرع) فإن زوجت المرأة من غير كفؤ برضاها ورضى سائر الأولياء صح النكاح، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأكثر أهل العلم. وقال سفيان وأحمد وعبد الملك بن الماجشون: لا يصح.