إن كان الولي ممن يجبر على النكاح كالأب والجد في تزويج البكر لم يصح أن يكون فاسقا لأنه يزوج بالولاية، والولاية لا تثبت مع الفسق، كفسق الحاكم والوصي وإن كان ممن لا يجبر على النكاح كمن عدا الأب والجد من الأولياء، وكتزويج الأب والجد للثيب صح تزويجه، وإن كان فاسقا، لأنه يزوج بإذنها فهو كالوكيل ومن أصحابنا من قال: إن كان الفاسق مبذرا في ماله لم يجز أن يكون وليا في النكاح، وإن كان رشيدا في أمر دنياه كان وليا في النكاح، ومن أصحابنا من قال فيه قولان (أحدهما) أن الفاسق ولى في النكاح بكل حال. وهو قول مالك وأبي حنيفة لقوله تعالى (وأنكحوا الأيامى منكم) وهذا خطاب للأولياء، ولم يفرق بين العدل والفاسق، ولان الكافر لما ملك تزويج ابنته الكافرة والمسلم الفاسق أعلا منه فلان يملك تزويج وليته أولى (والثاني) لا يصح أن يكون وليا بحال، وهو المشهور من المذهب لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نكاح الا بولي.
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (لا نكاح الا بولي مرشد وشاهدي عدل، ولا مخالف له، والمرشد من أسماء المدح، والفاسق ليس بممدوح، ولأنه تزويج في حق غيره فنافاه الفسق في دينه كفسق الحاكم، فقولنا تزويج، احتراز من ولاية القصاص، وقولنا في حق غيره، احتراز من تزويج الفاسق لامته فإنه تزويج في حقه، بدليل أنه يجب له المهر. وقولنا في دينه، احتراز من تزويج الكافر لابنته الكافرة، لأنه ليس بفسق في دينه، ولان الولي إنما اشترط في العقد لئلا تحمل المرأة شهوتها على أن تلقى نفسها في أحضان غير كف ء، وتزوج نفسها في العدة، فيلحق العار بأهلها. وهذا المعنى موجود في الفاسق لأنه لا يؤمن أن يحمله فسقه على أن يضع المرأة في أحضان غير كف ء، ويزوجها في العدة، فيلحق العار بأهلها، فلم يجز أن يكون وليا وأما الآية فلا نسلم له أنها تنصرف إلى الفاسق لأنه ليس بولي عندنا، فإن سلمنا فإن عمومها مخصص بالخبر وأما الكافر فإنما يصح أن يزوج ابنته الكافرة إذا كان رشيدا في دينه لأنه مقر عليه بخلاف الفاسق.
إذا ثبت هذا وقلنا الفاسق ليس بولي فقد قال المسعودي: واختلف أصحابنا