غير دفن (1) في بلد كانوا يقدسون فيه منصبه ومكانته ويعتبرونه خليفة المسلمين، فما يعني إهمالهم له مع وجود كبار الصحابة في المدينة، ووجود قريش وغيرها من القبائل العربية، وبني أمية وسائر مواليهم؟!
وقد نقلنا سابقا ما جاء في تاريخ الطبري (حوادث 34) (لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله بعضهم إلى بعض، أن أقدموا، فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد.
وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله (ص) يرون ويسمعون، ليس فيهم أحد ينهي ولا يذب إلا نفير، منهم: زيد بن ثابت، (الذي جمع عثمان الصحابة على قراءته)، أبو أسيد الساعدي، كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع الناس وكلموا علي بن أبي طالب، فدخل على عثمان فقال: الناس ورائي وقد كلموني فيك، والله ما أدري ما أقول لك، وما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم...) إلى آخر كلامه الذي مر عليك قبل عدة صفحات.
إذن، المعترضون على عثمان كانوا الناس، وأنهم كانوا يطلبون الجهاد ضده، فأخذ يكتب البعض منهم إلى الآخر بذلك، وليسوا بنفر قلائل جاءوا من مصر والبصرة والكوفة - كما يدعيه البعض -، وعلى فرض كونهم كذلك.. فهل من المعقول أن يسكت جميع الصحابة عن مواجهتهم وهم يرون خليفة المسلمين في خطر، وليس منهم أحد ينهي ويذب عنه؟
وألم يكن ذلك ازدراء بالصحابة، الذين أبلوا بلاء حسنا مع الرسول في حروبه؟