إلى أن يقول، فقال عثمان: هذا رأي رأيته (1).
وهنا سؤال يطرح نفسه: علام يمكن حمل كلام عثمان هذا مع علمه بأن رسول الله والشيخين قد قصرا بمنى، وكان قد قصر هو شطرا من خلافته فيه؟!
ألا يعني هذا النص وأمثاله أنه كان يريد تشكيل اتجاه في الإسلام له معالم خاصة به، فتراه يجتهد قبال النص مع علمه بأن رسول الله والشيخين قد فعلا خلاف فعله؟!
ألا ترى أنه يصح بعد هذا وينطبق ما قلناه عنه؟
فعثمان كان يتساءل مع نفسه: كيف يحق للشيخين أن يقولا (برأي رأيته) ويشرعا وينهيا عن مصلحة، ولا يحق لي ذلك.
ومما يؤيد أن الأمويين وأتباع الخليفة كانوا وراء تنفيذ المخطط الجديد، هو ما حكاه جعفر بن محمد عن أبيه: إن عثمان بن عفان اعتل وهو بمنى فأتى علي فقيل له: صل بالناس فقال: إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله - يعني ركعتين - قالوا: لا، إلا صلاة أمير المؤمنين - يعنون عثمان - أربعا، فأبى.
ومخالفة عثمان لنهج الشيخين لم تقتصر على صلاته بمنى، بل هناك موارد كثيرة أخرى كتقديمه الخطبة على الصلاة في العيدين:
ذكر البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة والبيهقي والترمذي والنسائي وغيرهم: إن النبي وأبا بكر وعمر، وفي بعضها: وعثمان شطرا من خلافته، كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة.
قال ابن حجر: إن أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم فرأى ناسا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، أي صار يخطب قبل الناس (2). وعلى