الحكومة إليه - لم تكن له تلك المكانة، وإن والده أنس بن مالك بن أبي عامر لم يكن معروفا عند العلماء ولم يفصح التاريخ بشئ من حياته ولا تاريخ وفاته، بل كل ما كان يقال عن مالك بأنه أخو النضر، وذلك لشهرة النضر بن أنس أخو مالك، وهو الذي روى عن ابن عباس.
ونقل أبو بكر الصنعاني: أتينا مالك بن أنس فحدثنا عن ربيعة الرأي - وهو أستاذ مالك ومعلمه - فكنا نستزيده، فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة وهو نائم في ذاك الطاق؟ فأتينا ربيعة، فقلنا: كيف يحط بك مالك ولم تحط أنت بنفسك؟
فقال: أما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حمل علم (1).
وفي هذا النص إشارة إلى دور السياسة والحكومة في ترسيخ المذاهب وتقديم المفضول مع وجود الفاضل (2)!
وقد جاء في تاريخ بغداد إن أبا العباس أمر لربيعة الري بجائزة فرفض أن يقبلها، فأعطاه خمسة آلاف درهم ليشتري بها جارية فامتنع عن قبولها (3).
ولا بد هنا من الإشارة إلى ما ذكره بعضهم من تعليل سبب المحنة التي لاقاها مالك وضرب بسببها بالسياط وتعاطفه بعدها مع السلطة الحاكمة، فقال إن السبب هو قوله بتحريم نكاح المتعة خلافا لابن عباس هو جد العباسيين!!
وإنا نرى هذا الرأي في غاية الضحالة لأن الساسة تهمهم غالبا مصالحهم ولا يعيرون لآبائهم ولا لأبنائهم أي اهتمام، وقد نقلنا سابقا كلام المنصور لمالك وسؤاله عن آراء ابن عمر وقوله له: خذ بها وإن خالف عليا وابن عباس! وفي نص آخر: يا مالك، أراك تعتمد على قول ابن عمر دون أصحاب رسول الله (ص)؟
فقال: يا أمير المؤمنين، إنه آخر من بقي عندنا من أصحاب رسول الله، فاحتاج